وهي أن يكتب الشيخ إلى الطالب وهو غائب شيئا من حديثه بخطه أو يكتب له ذلك وهو حاضر . ويلتحق بذلك ما إذا أمر غيره بأن يكتب له ذلك عنه إليه .
وهذا القسم ينقسم أيضا إلى نوعين : .
أحدهما : أن تتجرد المكاتبة عن الإجازة .
( 99 ) والثاني : أن تقترن بالإجازة بأن يكتب إليه ويقول ( أجزت لك ما كتبته لك أو : ما كتبت به إليك ) أو نحو ذلك من عبارات الإجازة .
أما الأول : وهو ما إذا اقتصر على المكاتبة : فقد أجاز الرواية بها كثير من المتقدمين والمتأخرين منهم ( أيوب السختياني ) و ( منصور ) و ( الليث بن سعد ) وقاله غير واحد من الشافعيين وجعلها ( أبو المظفر السمعاني ) منهم أقوى من الإجازة وإليه صار غير واحد من الأصوليين .
وأبى ذلك قوم آخرون . وإليه صار من الشافعيين ( القاضي الماوردي ) وقطع به في كتابه ( الحاوي ) .
والمذهب الأول هو الصحيح المشهور بين أهل الحديث . وكثيرا ما يوجد في مسانيدهم ومصنفاتهم قولهم ( كتب إلي فلان قال : حدثنا فلان ) والمراد به هذا . وذلك معمول به عندهم معدود في المسند الموصول . وفيها إشعار قوي بمعنى الإجازة فهي وإن لم تقترن بالإجازة لفظا فقد تضمنت الإجازة معنى .
ثم يكفي في ذلك أن يعرف المكتوب إليه خط الكاتب وإن لم تقم البينة عليه .
ومن الناس من قال : الخط يشبه الخط فلا يجوز الاعتماد على ذلك . وهذا غير مرضي لأن ذلك نادر والظاهر : أن خط الإنسان لا يشتبه بغيره ولا يقع فيه التباس .
ثم ذهب غير واحد من علماء المحدثين وأكابرهم منهم ( الليث بن سعد ) و ( منصور ) : إلى جواز إطلاق ( حدثنا وأخبرنا ) في الرواية بالمكاتبة .
والمختار : قول من يقول فيها ( كتب إلي فلان قال : حدثنا فلان بكذا وكذا ) وهذا هو الصحيح اللائق بمذاهب أهل التحري والنزاهة . وهكذا لو قال ( أخبرني به مكاتبة أو كتابة ) ونحو ذلك من العبارات .
أما المكاتبة المقرونة بلفظ الإجازة : فهي في الصحة والقوة شبيهة بالمناولة المقرونة بالإجازة والله أعلم