وفيها معرفة وفيات الصحابة والمحدثين والعلماء ومواليدهم ومقادير أعمارهم ونحو ذلك .
روينا عن ( سفيان الثوري ) أنه قال : لما استعمل الرواة الكذب استعملنا لهم التاريخ أو كما قال .
وروينا عن ( حفص بن غياث ) أنه قال : إذا اتهمتم الشيخ فحاسبوه بالسنين . يعني احسبوا سنه وسن من كتب عنه .
وهذا كنحو ما روينا عن إسماعيل بن عياش قال : كنت بالعراق فأتاني أهل الحديث فقالوا : ههنا رجل يحدث عن خالد بن معدان فأتيته فقلت : أي سنة كتبت عن خالد بن معدان ؟ فقال : سنة ثلاث عشرة - يعني - ومائة . فقلت : أنت تزعم أنك سمعت من خالد بن معدان بعد موته بسبع سنين ؟ قال إسماعيل : مات خالد ستة ست ومائة .
قلت : وقد روينا عن ( عفير بن معدان ) قصة نحو هذه جرت له مع بعض من حدث خالد بن معدان ذكر عفير فيها : أن خالدا مات سنة أربع ومائة .
وروينا عن ( الحاكم أبي عبد الله ) قال : لما قدم علينا أبو جعفر محمد بن حاتم الكشي وحدث عن عبد بن حميد سألته عن مولده ؟ فذكر أنه ولد سنة ستين ومؤتين فقلت لأصحابنا سمع هذا الشيخ من عبد بن حميد بعد موته بثلاث عشرة سنة .
وبلغنا عن ( أبي عبد الله الحميدي الأندلسي ) أنه قال ما تحريره : ثلاثة أشياء من علوم الحديث يجب تقديم التهمم بها .
العلل وأحسن كتاب وضع فيه ( كتاب الدارقطني ) .
والمؤتلف والمختلف وأحسن كتاب وضع فيه ( كتاب بن ماكولا ) .
ووفيات الشيوخ وليس فيه كتاب .
( 233 ) قلت : فيها غير كتاب ولكن من غير استقصاء وتعميم وتواريخ المحدثين مشتملة على ذكر الوفيات ولذلك ونحوه سميت تواريخ . وأما ما فيها من الجرح والتعديل ونحوهما فلا يناسب هذا الاسم والله أعلم .
ولنذكر من ذلك عيونا : .
أحدها : الصحيح في سن سيدنا سيد البشر رسول الله - A وصاحبيه أبي بكر وعمر - ثلاث وستون سنة .
وقبض رسول الله - A - يوم الاثنين ضحى لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة .
وتوفي أبي بكر في جمادى الأولى سنة ثلاث عشرة .
وعمر في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين .
وعثمان في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وهو ابن اثنتين وثمانين سنة وقيل : ابن تسعين وقيل : غير ذلك .
وعلي في شهر رمضان سنة أربعين وهو ابن ثلاث وستين وقيل : ابن أربع وستين وقيل : ابن خمس وستين .
و ( طلحة ) و ( الزبير ) جميعا في جمادى الأولى سنة ست وثلاثين . وروينا عن ( الحاكم أبي عبد الله ) : أن سنهما كان واحدا كانا ابني أربع وستين وقد قيل غير ما ذكره الحاكم .
و ( سعد بن أبي وقاص ) سنة خمس وخمسين على الأصح وهو ابن ثلاث وسبعين سنة .
و ( سعيد بن زيد ) سنة إحدى وخمسين وهو ابن ثلاث وأربع وسبعين .
( 234 ) و ( عبد الرحمن بن عوف ) سنة اثنتين وثلاثين وهو ابن خمس وسبعين سنة .
و ( أبو عبيدة بن الجراح ) سنة ثماني عشرة وهو ابن ثماني وخمسين سنة .
وفي بعض ما ذكرته خلاف لم أذكره والله أعلم .
الثاني : شخصان من الصحابة عاشا في الجاهلية ستين سنة وفي الإسلام ستين سنة وماتا بالمدينة سنة أربع وخمسين .
أحدهما : ( حكيم بن حزام ) وكان مولده في جوف الكعبة قبل عام الفيل بثلاث عشرة سنة .
والثاني : ( حسان بن ثابت بن المنذر بن حرام الأنصاري ) . وروى ابن إسحاق أنه وأباه ثابتا والمنذر وحراما عاش كل واحد منهم عشرين ومائة سنة . وذكر أبو نعيم الحافظ : أنه لا يعرف في العرب مثل ذلك لغيرهم . وقد قيل : إن حسان مات سنة خمسين والله أعلم .
الثالث : أصحاب المذاهب الخمسة المتبوعة Bهم .
( فسفيان بن سعيد الثوري أبو عبد الله ) مات بلا خلاف بالبصرة سنة إحدى وستين ومائة وكان مولده سنة سبع وتسعين .
و ( مالك بن أنس ) Bه توفي بالمدينة سنة تسع وسبعين ومائة قبل الثمانين بسنة . واختلف في ميلاده فقيل : في ثلاث وتسعين وقيل : سنة إحدى وقيل : سنة أربع وقيل : سنة سبع .
و ( أبو حنيفة ) C مات سنة خمسين ومائة ببغداد وهو ابن سبعين سنة .
و ( الشافعي ) C مات في آخر رجب سنة أربع ومائتين بمصر وولد سنة خمسين ومائة .
و ( أحمد بن محمد بن حنبل ) مات ببغداد في شهر ربيع الآخر سنة إحدى وأربعين ومائتين وولد سنة أربع وستين ومائة والله أعلم .
( 235 ) الرابع : أصحاب كتب الحديث الخمسة المعتمدة Bهم .
( فالبخاري أبو عبد الله ) ولد يوم الجمعة بعد صلاة الجمعة لثلاث عشرة خلت من شوال سنة أربع وتسعين ومائة ومات بخرتنك قريبا من سمرقند ليلة عيد الفطر سنة ست وخمسين ومائتين فكان عمره : اثنتين وستين سنة إلا ثلاثة عشر يوما .
و ( مسلم بن الحجاج النيسابوري ) مات بها لخمس بقين من رجب سنة إحدى وستين ومائتين وهو ابن خمس وخمسين سنة .
و ( أبو داود السجستاني سليمان بن الأشعث ) مات بالبصرة في شوال سنة خمس وسبعين ومائتين .
و ( أبو عيسى محمد بن عيسى السلمي الترمذي ) مات بها لثلاث عشرة مضت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين .
و ( أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسوي ) مات سنة ثلاث وثلاثمائة والله أعلم .
الخامس : سبعة من الحفاظ في ساقتهم أحسنوا التصنيف وعظم الانتفاع بتصانيفهم في أعصارنا .
( أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني البغدادي ) مات بها في ذي القعدة سنة خمس وثمانين وثلاثمائة ولد في ذي القعدة سنة ست وثلاثمائة .
ثم ( الحاكم أبو عبد الله بن البيع النيسابوري ) مات بها في صفر سنة خمس وأربعمائة . وولد بها في شهر ربيع الأول سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة .
( 236 ) ثم ( أبو محمد عبد الغني بن سعيد الأزدي ) حافظ مصر ولد في ذي القعدة سنة اثنتين وثلاثين وثلاثمائة . ومات بمصر في صفر سنة تسع و أربعمائة .
ثم ( أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني الحافظ ) ولد سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة ومات في صفر سنة ثلاثين وأربعمائة بأصبهان .
ومن الطبقة الأخرى : ( أبو عمر بن عبد البر النمري ) حافظ أهل المغرب ولد في شهر ربيع الآخر سنة ثمان وستين وثلاثمائة ومات بشاطبة من بلاد الأندلس في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وستين وأربعمائة .
ثم ( أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي ) ولد سنة أربع وثمانين وثلاثمائة ومات بنيسابور في جمادى الأولى سنة ثمان وخمسين وأربعمائة ونقل إلى بيهق فدفن بها .
ثم ( أبو بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي ) ولد في جمادى الآخرة سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة ومات ببغداد في ذي الحجة سنة ثلاث وستين وأربعمائة رحمهم الله وإيانا والمسلمين أجمعين والله أعلم