ولذلك قال بعض أئمه الحديث في هذا المحل للذي يطلق عليه اسم المحدث في عرف المدثين أن يكون كتب وقرأ وسمع ووعى ورحل إلى المدائن والقرى وحصل أصولا وعلق فروعا من كتب المسانيد والعلل والتواريخ التي تقرب من ألف تصنيف فغذا كان ذلك فلا ينكر له ذلك .
وأما إذا كان رأسه طليسان وفيه رجليه نبلان وصحب أميرا من أمراء الزمان أو من تحلى بالؤلؤ ومرجان أو بثياب ذات ألوان فحصل تدريس حديث بالإفك والبهتان وجعل نفسه لعبه للصبيان لا يفهم ما يقرأ عليه من جزء ولا ديوان فهذا لا يطلق عليه اسم محدث بل ولا إنسان وإنه مع الجهاله آكل حرام فإن استحله خرج من دين الإسلام انتهى .
والظاهر أنها نفثه مصدور ورميه معذور وبها يتسلى القائم في هذا الزمان بتحقيق هذا الشأن مع قله الأعوان وكثرة الحسد والخذلان والله المستعان وعليه التكلان .
إذا تقرر هذا فاعلم أنه لم يصرح أحد من الشيخين بشرط في كتابه ولا في غيرة كما جزم به غير واحد منهم النووي وإنما عرف بالسبر كتابيهما ولذا أختلف الأئمه في ذلك فقال أبو الفضل ابن طاهر الحافظ في جزء سمعناه أفرده لشروط السته شرطهما أن يخرجا الحديث المتفق على ثقه نقلته إلى الصحابي المشهور من غير إختلاف بين الثقات الأثبات ويكون اسناده متصلا غير مقطوع وإن كان للصحابي روايان فصاعدا فحسن وإن لم يكن له إلاراو واحد وصح الطريق إليه كفى وما ادعاه من الاتفاق على ثقة نقلتهما قد لا يخدش فيه وجود حكاية التضعيف في بعضهم ممن قبلهما لتجويز أنهما لم يرياه قادحا فنزلا كلام الجمهور والمعتمد عندهما منزله الإجماع وكذا قوله من غير اختلاف بين الثقات ليس على إطلاقه فإنه ليس كل خلاف مؤثر وإنما المؤثر مخالفه الثقه لمن هو أحظ منه أو أكثر عددا من الثقات كما سيأتي في الشاذ