بها في عملهم لعسرها وتعذر الوفاء بها بل استقر الحال بينهم على اعتبار بعضها وأنه يكتفي في أهلية الراوي بالعاقل المسلم البالغ غير الفاعل للفسق وما يجزم المروءة ظاهر بحيث يكون مستور الحال ( و ) يكتفي في الضبط بأن يثبت ما روى بخط ثقة مؤتمن سوى الشيخ أو القارىء أو بعض السامعين كتب على الأصل أو في مثبت بيده إذا كان الكاتب من أهل الخبرة بهذا الشأن بحيث لا يكون الاعتماد في رواية هذا الراوي عليه بل على الثقة المفيد لذلك وأنه يروي حين يحدث من آمل بنقل الهمزة واقفا لأصل شيخه كما قد سبقا لنحو ذاك الحافظ الكبير البيهقي فإنه لما ذكر توسع من توسع في السماع من بعض محدثي زمانه الذين لا يحفظون حديثهم ولا يحسنون قراءته من كتبهم ولا يعرفون ما يقرأ عليهم بعد أن تكون القراءة عليهم من أصل سماعهم وذلك لتدوين الأحاديث في الجوامع التي جمعها أئمة الحديث قال فمن جاء اليوم بحديث واحد لا يوجد عند جميعهم لم تقبل منه أي لأنه لا يجوز أن يذهب على جميعهم ومن جاء بحديث معروف عندهم فالذي يرويه لا ينفرد بروايته والحجة قائمة برواية غيره .
وحينئذ فلقد آل السماع الآن التسلسل السند أي بقاء سلسلته يحدثنا وأخبرنا لتبقى هذه الكرامة التي خصت بها هذه الأمة شرفا لنبيها A يعني الذي لم يقع التبديل في الأمم الماضية إلا بانقطاعه .
قلت والحاصل إنه لما كان الغرض أولا معرفة التعديل والتجريح وتفاوت المقامات في الحفظ والإتقان ليتوصل بذلك إلى التصحيح والتحسين والتضعيف حصل التشدد بمجموع تلك الصفات ولما كان الغرض آخر الاقتصار في التحصيل على مجرد وجود السلسلة السندية اكتفوا بما ترى .
ولكن ذاك بالنظر إلى الغالب في الموضعين وإلا فقد يوجد في كل منهما من نمط الآخر وإن كان التساهل إلى هذا الحد في المتقدمين قليل