من قائلها ونحو ذلك .
فربما كان لجرح مخرج أي مخلص صحيح يزول به ولكن غطى عليه السخط وحجب عنه الفكر حين يحرج بحاء مهملة ثم راء مفتوحة وجيم أي يضيق صدره بسبب ما قال لأن الفلتان من الأنفس لا يدعي العصمة منها فإنه ربما حصل غضب لمن هو من أهل التقوى فبدرت منه بادرة لفظ فحبك الشيء يعمي ويصم لا أنهم مع جلالتهم ووفور ديانتهم تعمدوا القدح بما يعملون بطلانه حاشاهم وكل تقي من ذلك .
ثم إن أكثر ما يكون هذا الداء في المتعاصرين وسببه غالبا مما هو في المتأخرين أكثر المنافسة في المراتب ولكن قد عقد ابن عبد البر في جامعه بابا لكلام الأقران المتعاصرين بعضهم في بعض ورأى أن أهل العلم لا يقبل الجرح فيهم إلا ببيان واضح فإن انضم لذلك عداوة فهو أولى بعدم القبول ولو كان سبب تلك العداوة الاختلاف في الاعتقاد فإن الحاذق إذا تأمل ثلب أبي إسحاق الجوزجاني لأهل الكوفة رأى العجب وذلك لشدة انحرافه في النصب وشهرة أهلها بالتشيع فتراه لا يتوقف في جرح من ذكره منهم بلسان ذلق وعبارة طلقة حتى إنه أخذ يلين مثل الأعمش وأبي نعيم وعبيد الله ابن موسى وأساطين الحديث وأركان الرواية فهذا إذا عارضه مثله أو أكثر منه فوثق رجلا ممن ضعفه هو قبل التوثيق ويلتحق به عبد الرحمن بن يوسف ابن خراش المحدث الحافظ فإنه من غلاة الشيعة بل نسب إلى الرفض فيتأني في جرحه لأهل الشام للعداوة البينة في الاعتقاد وكذا كان ابن عقدة شيعيا فلا يستغرب منه أن يتعصب لأهل الرفض .
ولذا كانت المخالفة في العقائد أحد الأوجه الخمسة التي تدخل الأفة منها فإنها كما قال ابن دقيق العيد أوجبت تكفير الناس بعضهم لبعض أو