أنشدني أبو عبد الله محمد بن على الصوري لنفسه ... في جد وفى هزل إذا شئت ... وجدى اضعاف اضعاف هزلي ... ... عاب قوم على هذا ولجوا ... في عتابي واكثروا فيه عذلى ... ... قلت مهلا لا تغرقوا في ملامى ... واحكموا لي فيكم بغالب فعلى ... ... انا راض بحكمكم ان عدلتم ... رب حكم يمضى على غير عدل ... ... فإذا كان غالب الأمر من فعلى ... سدادا تنسى نوادر جهلى ... ... فانا العدل غير شك لدى الاقوام ... يقضى بذاك لي كل عدل ... ... وبهذا أفتى فقيه جليل ... سيد ماجد عظيم المحل ... ... نجل إدريس معدن العلم والحكم ... حليف العلياء اكرم نجلى ... ... وبه قال بن المبارك عبد الله ... ذو الفضل والمكان الاجل ... ... وهو قول الامام احمد من بعد ... ومن ذا يربى عليه بفضل ... ... رحمة الله والسلام عليهم ... ابدا ما استهل صوب بهطل ... حدثني أبو الفضل محمد بن عبيد الله المالكي انه قرأ على القاضى أبى بكر محمد بن الطيب قال والعدالة المطلوبة في صفة الشاهد والمخبر هى العدالة الراجعة الى استقامة دينه وسلامة مذهبه وسلامته من الفسق وما يجرى مجراه مما اتفق على انه مبطل العدالة من افعال الجوارح والقلوب المنهى عنها والواجب ان يقال في جميع صفات العدالة انها اتباع أوامر الله تعالى والانتهاء عن ارتكاب ما نهى عنه مما يسقط العدالة وقد علم مع ذلك انه لا يكاد يسلم المكلف من البشر من كل ذنب ومن ترك بعض ما أمر به حتى يخرج الله من كل ما وجب له عليه وان ذلك يتعذر فيجب لذلك ان يقال ان العدل هو من عرف بأداء فرائضه ولزوم ما أمر به وتوقى ما نهى عنه وتجنب الفواحش المسقطة وتحرى الحق والواجب في أفعاله ومعاملته والتوقى في لفظه مما يثلم الدين والمروءة فمن كانت هذه حاله فهو الموصوف بأنه عدل في دينه ومعروف بالصدق في حديثه و ليس يكفيه في ذلك اجتناب كبائر الذنوب التي يسمى فاعلها فاسقا حتى يكون مع ذلك متوقيا لما يقول كثير من الناس انه لا يعلم انه كبير بل يجوز أن يكون صغيرا نحو الكذب الذي لا يقطع على انه كبير ونحو التطفيف بحبة وسرقة باذنجان وغش المسلمين بما لا يقطع عندهم على انه كبير من الذنوب لأجل أن القاذورات وان لم يقطع على انها كبائر يستحق بها العقاب فقد اتفق على أن فاعلها غير مقبول الخبر والشهادة أما لأنها متهمة لصاحبها ومسقطة له ومانعة من ثقته وأمانته أو لغير ذلك فان العادة موضوعة على ان من احتملت امانته سرقة بصلة وتطفيف حبة احتملت الكذب وأخذ الرشا على الشهادة ووضع الكذب في الحديث والاكتساب به فيجب ان تكون هذه الذنوب في إسقاطها للخبر والشهادة بمثابة ما اتفق على انه فسق يستحق به العقاب وجميع ما اضربنا عن ذكره مما لا يقطع قوم على انه كبير وقد اتفق على وجوب رد خبر فاعله وشهادته فهذه سبيله في انه يجب كون الشاهد والمخبر سليما منه والواجب عندنا أن لا يرد الخبر ولا الشهادة الا بعصيان قد اتفق على رد الخبر والشهادة به وما يغلب به ظن الحاكم والعالم ان مقترفه غير عدل ولا مأمون عليه الكذب في الشهادة والخبر ولو عمل العلماء والحكام على ان لا يقبلوا خبرا و لا شهادة الا من مسلم بريء من كل ذنب قل أو كثر لم يمكن قبول شهادة أحد ولا خبره لأن الله تعالى قد أخبر بوقوع الذنوب من كثير من انبيائه ورسله ولو لم يرد خبر صاحب ذلك وشهادته بحال لوجب ان يقبل خبر الكافر والفاسق وشهادتهما وذلك خلاف الإجماع فوجب القول في جميع صفة العدل بما ذكرناه