التدليس في الثياب فكيف في الحديث أخبرنا أبو سعد الماليني قال أنا عبد الله بن عدي الحافظ قال سمعت عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن بكر بن الربيع بن مسلم امام مسجد أبي خليفة يقول سمعت محمد بن موسى السواق يقول قال بن الشاذكوني لما حضرته الوفاة اللهم ما اعتذرت فاني لا أعتذر أني قذفت محصنة ولا دلست حديثا قال عبد الرحمن وذكر خصلة أخرى فنسيتها أخبرني الحسن بن أبي طالب قال أنا أحمد بن محمد بن عمران قال ثنا أحمد بن محمد بن أبي حامد صاحب بيت المال قال سمعت عباسا الدوري يقول حدثني بعض أصحابنا قال قال عبد الرزاق قدمت مكة فمكثت ثلاثة أيام لا يجيئني أصحاب الحديث فمضيت وطفت وتعلقت بأستار الكعبة وقلت يا رب مالي أكذاب أنا أمدلس انا قال فرجعت الى البيت فجاؤني قال أبو بكر الخطيب والتدليس على ضربين قد أفردنا في ذكر كل واحد منهما بشرحه وبيانه كتابا الا انا نورد في هذا الكتاب شيئا منه إذ قد كان مقتضيا له الضرب الأول تدليس الحديث الذي لم يسمعه الراوي ممن دلسه عنه بروايته إياه على وجه يوهم انه سمعه منه ويعدل عن البيان بذلك ولو بين انه لم يسمعه من الشيخ الذي دلسه عنه فكشف ذلك لصار ببيانه مرسلا للحديث غير مدلس فيه لأن الإرسال للحديث ليس بإيهام من المرسل كونه سامعا ممن لم يسمع منه وملاقيا لمن لم يلقه الا ان التدليس الذي ذكرناه متضمن للإرسال لا محالة من حيث كان المدلس ممسكا عن ذكر من بينه وبين من دلس عنه وإنما يفارق حاله حال المرسل بإيهامه السماع ممن لم يسمع منه فقط وهو الموهن لأمره فوجب كون هذا التدليس متضمنا للإرسال والإرسال لا يتضمن التدليس لأنه لا يقتضي إيهام السماع ممن لم يسمع منه ولهذا المعنى لم يذم العلماء من أرسل الحديث وذموا من دلسه والتدليس يشتمل على ثلاثة أحوال تقتضي ذم المدلس وتوهينه فأحدها ما ذكرناه من ايهامه السماع ممن لم يسمع منه وذلك مقارب الأخبار بالسماع ممن لم يسمع منه والثانية عدوله عن الكشف الى الإحتمال وذلك خلاف موجب الورع والأمانة والثالثة ان المدلس انما لم يبين من بينه وبين من روى عنه لعلمه بأنه لو ذكره لم يكن مرضيا مقبولا عند أهل النقل فلذلك عدل عن ذكره وفيه أيضا أنه إنما لا يذكر من بينه وبين من دلس عنه طلبا لتوهيم علو الإسناد والأنفة من الرواية عمن حدثه وذلك خلاف موجب العدالة ومقتضى الديانة من التواضع في طلب العلم وترك الحمية في الإخبار بأخذ العلم عمن أخذه والمرسل المبين بريء من جميع ذلك