لما أوجب العمل به وجب العلم بصدقه وصحته لقوله تعالى ولا تقف ما ليس لك به علم وقوله وان تقولوا على الله مالا تعلمون فإنه أيضا بعيد لأنه انما عنى تعالى بذلك ان لا تقولوا في دين الله ما لا تعلمون ايجابه والقول والحكم به عليكم ولا تقولوا سمعنا ورأينا وشهدنا وأنتم لم تسمعوا وتروا وتشاهدوا وقد ثبت ايجابه تعالى علينا العمل بخبر الواحد وتحريم القطع على انه صدق أو كذب فالحكم به معلوم من أمر الدين وشهادة بما يعلم ويقطع به ولو كان ما تعلقوا به من ذلك دليلا على صدق خبر الواحد لدل على صدق الشاهدين أو صدق يمين الطالب للحق واوجب القطع بايمان الامام والقاضي والمفتى إذ ألزمنا المصير الى احكامهم وفتواهم لأنه لا يجوز القول في الدين بغير علم وهذا عجز ممن تعلق به فبطل ما قالوه .
( باب ذكر بعض الدلائل على صحة العمل بخبر الواحد ووجوبه ) .
قد أفردنا لوجوب العمل بخبر الواحد كتابا ونحن نشير الى شيء منه في هذا الموضع إذ كان مقتضيا له فمن أقوى الأدلة على ذلك ما ظهر واشتهر عن الصحابة من العمل بخبر الواحد أخبرنا القاضى أبو بكر احمد بن الحسن بن احمد الحيري قال أنا أبو على محمد بن احمد بن محمد بن معقل الميداني قال ثنا أبو عبد الله محمد بن يحيى ثنا بشر بن عمر قال ثنا مالك عن بن شهاب عن عثمان بن إسحاق بن خرشة عن قبيصة بن ذؤيب قال جاءت الجدة الى أبى بكر رضى الله تعالى عنه تسأله ميراثها فقال لها مالك في كتاب الله شيء ولا علمت لك في سنة رسول الله A شيئا فارجعى حتى أسأل الناس فسأل الناس فقال المغيرة بن شعبة حضرت رسول الله A أعطاها السدس فقال أبو بكر هل معك غيرك فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة فأنفذ لها أبو بكر ثم جاءت