وإن لم يكن قد انتسب الى مذهب معين انبنى على أن العامي هل يلزمه أن يتمذهب بمذهب معين يأخذ برخصه وعزائمه وفيه مذهبان أحدهما لا يلزمه ذلك كما لم يلزم في عصر أوائل الأمة أن يخص العامي عالما معينا بتقليد لا سيما إن قلنا كل مجتهد مصيب فعلى هذا هل له أن يستفتي على أي مذهب شاء أو يلزمه أن يبحث حتى يعلم علم مثله أسد المذاهب وأصحها أصلا فسيتفتي أهله فيه مذهبان كالمذهبين اللذين سبقا في إلزامه بالبحث عن الأعلم والأفقه من المفتيين .
والثاني يلزمه ذلك وهو جار في كل من لم يبلغ درجة الاجتهاد من الفقهاء وأرباب سائر العلوم لأنه لو جاز له اتباع أي مذهب شاء لأفضى الى أن يلتقط رخص المذاهب متبعا هواه ومتخيرا بين التحريم والتجويز وفيه انحلال عن التكليف بخلاف العصر الأول فإنه لم تكن المذاهب الوافية بأحكام الحوادث حينئذ قد مهدت وعرفت فعلى هذا يلزمه أن يجتهد في اختيار مذهب يقدره على التعيين وهذا أولى بايجاب الاجتهاد قيه على العامي مما سبق في الاستفتاء .
فصل .
ونحن نمهد طريقا سهلا منقول ليس له أن يتبع في ذلك مجرد التشهي والميل إلى ما وجد عليه أباه وأهله قبل تأمله والنظر في صوابه وليس له التمذهب بمذهب أحد من أئمة الصحابه