واعلم أنه لا يقبل الخبر حتى يكون الراوي في حال السماع مميزا ضابطا لأنه إذا لم يكن بهذه ( صفحة 41 ) الصفة عند السماع لم يعلم ما يرويه وإن لم يكن بالغا عند السماع جاز ومن الناس من قال يعتبر أن يكون في حال السماع بالغا وهذا خطأ لأن المسلمين اجمعوا على قبول خبر أحداث الصحابة والعمل بما سمعوه في حال الصغر كابن عباس وابن الزبير والنعمان بن بشير وغيرهم فدل على ما قلناه .
- 1 - فصل .
وينبغي أن يكون عدلا مجتنبا للكبائر متنزها عن كل ما يسقط المروءة من المجون والسخف والأكل في السوق والبول في قارعة الطريق لأنه إذا لم يكن بهذه الصفة لم يؤمن من أن يتساهل في رواية مالا أصل له ولهذا رد أمير .
المؤمنين علي كرم الله وجهه حديث أبي سنان الأشجعي وقال بوال على عقبيه .
- 2 - فصل .
وينبغي أن يكون ثقة مأمونا لا يكون كذابا ولا ممن يزيد في الحديث ما ليس منه فإن عرف بشيء من ذلك لم يقبل حديثه لأنه لا يؤمن أن يضيف إلى رسول الله A ما لم يقله .
- 3 - فصل .
وكذلك يجب أن يكون غير مبتدع يدعو الناس إلى البدعة فإنه لا يؤمن أن يضع الحديث على وفق بدعته وأما إذا لم يدع الناس إلى البدعة فقد قيل أن روايته تقبل - 1 - قال الشيخ الإمام C والصحيح عندي أنها لا تقبل لأن المبتدع فاسق فلا يجوز أن يقبل خبره .
- 4 - فصل .
وينبغي أن يكون غير مدلس والتدليس هو أن يروي عمن لم يسمع منه ويوهم أنه سمع منه ويروى عن رجل يعرف بنسب أو اسم فيعدل عن ذلك إلى ما لا يعرف به من أسمائه يوهم أنه غير ذلك الرجل المعروف وقال كثير من أهل العلم يكره ذلك إلا أنه لا يقدح ذلك في روايته وهو قول بعض أصحابنا لأنه لم يصرح بكذب . ومن الناس من قال يرد حديثه لأنه في الإيهام عمن لم يسمع توهيم ما لا أصل له فهو كالمصرح بالكذب وفي العدول عن الاسم المشهور إلى غيره تغرير بالرواية عمن لعله غير مرضي فوجب التوقف عن حديثه .
- 5 - فصل .
ويجب أن يكون ضابطا حال الرواية محصلا لما يرويه فأما إذا كان مغفلا لم يقبل خبره فإنه لا يؤمن أن يروي بما لم يسمعه فإن كان له حال غفلة وحال تيقظ فما يرويه في حال تيقظه مقبول وإن روي عنه حديثا ولم يعلم أنه رواه في حال التيقظ أو الغفلة لم يعمل به .
[ 1 ] - هذا هو الذي عول عليه أئمة الحديث المأخوذ بمرويهم مثل البخاري ومسلم فقد خرجا عن كثير ممن رمي بالابتداع كما بسطه الحافظ ابن الحجر في مقدمة الفتح والسيوطي في التقريب وذلك ذهابا إلى أن العمدة في الراوي صدقه وضبطه وسقته . انتهى - جمال الدين