ويجوز نسخ الكتاب بالكتاب لقوله تعالى { ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها } ( صفحة 32 ) .
- 1 - فصل .
وكذلك يجوز نسخ السنة بالسنة كما يجوز نسخ الكتاب بالكتاب الآحاد بالآحاد والتواتر بالتواتر والآحاد بالتواتر فأما التواتر بالآحاد فلا يجوز لأن التواتر يوجب العلم فلا يجوز نسخه بما يوجب الظن .
- 2 - فصل .
ويجوز نسخ الفعل بالفعل لأنهما كالقول مع القول وكذلك نسخ القول بالفعل والفعل بالقول ومن الناس من قال لا يجوز نسخ القول بالفعل والدليل على جوازه أن الفعل كالقول في البيان فكما يجوز بالقول جاز بالفعل .
- 3 - فصل .
أما نسخ السنة بالقرآن ففيه قولان أحدهما لا يجوز لأن الله تعالى جعل السنة بيانا للقرآن فقال تعالى : { لتبين للناس ما نزل إليهم } .
فلو جوزنا نسخ السنة بالقرآن لجعلنا القرآن بيانا للسنة والثاني أنه يجوز وهو الصحيح لأن القرآن أقوى من السنة فإذا جاز نسخ السنة بالسنة فلأن يجوز بالقرآن أولى .
- 4 - فصل .
وأما نسخ القرآن بالسنة فلا يجوز من جهة السمع ومن أصحابنا من قال لا يجوز من جهة السمع ولا من جهة العقل والأول أصح . وقال أصحاب أبي حنيفة يجوز بالخبر المتواتر وهو قول أكثر المتكلمين وحكي ذلك عن أبي العباس بن سريج والدليل على ذلك من جهة العقل أنه ليس في العقل ما يمنع جوازه والدليل على أنه لا يجوز من جهة السمع قوله تعالى : { ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها } والسنة ليست من مثل القرآن ألا ترى أنه لا يثاب على تلاوة السنة كما يثاب على تلاوة القرآن ولا إعجاز في لفظه كما في لفظ القرآن فدل على أنه ليس مثله .
- 5 - فصل .
و أما النسخ بالإجماع فلا يجوز لأن الإجماع حادث بعد موت النبي A فلا يجوز أن ينسخ ما يتقرر في شرعه ولكن يستدل بالإجماع على النسخ فإن الأمة لا تجتمع على الخطأ فإذا رأيناهم قد أجمعوا على خلاف ما ورد به الشرع دلنا ذلك على أنه منسوخ .
- 6 - فصل .
ويجوز النسخ بدليل الخطاب لأنه معنى النطق على المذهب الصحيح . ومن أصحابنا من جعله كالقياس فعلى هذا لا يجوز النسخ به و الأول أظهر وأما النسخ بفحوى الخطاب وهو التنبيه فلا يجوز لأنه قياس ومن أصحابنا من قال يجوز النسخ به لأنه كالنطق . 7 - فصل .
ولا يجوز النسخ بالقياس وقال بعض أصحابنا يجوز بالجلي منه دون الخفي ومن الناس من قال يجوز بكل دليل يقع به البيان والتخصيص وهذا خطأ لأن القياس إنما يصح إذا لم يعارضه نص فإذا كان هناك نص يخالف القياس لم يكن للقياس حكم فلا يجوز النسخ به .
- 8 - فصل .
ولا يجوز النسخ بأدلة العقل لأن دليل العقل ضربان ضرب لا يجوز أن يرد الشرع بخلافه فلا يتصور نسخ الشرع به وضرب يجوز أن يرد الشرع بخلافه وهو البقاء على حكم الأصل وذلك إنما يوجب العمل به عند عدم الشرع فإذا وجد الشرع بطلت دلالته فلا يجوز النسخ به . ( صفحة 33 )