فأما المبين فهو ما استقل بنفسه في الكشف عن المراد ولا يفتقر في معرفة المراد إلى غيره وذلك على ضربين : ضرب يفيد بنطقه وضرب يفيد بمهفومه فالذي يفيد بنطقه هو النص والظاهر والعموم فالنص كل لفظ دل على الحكم بصريحه على وجه لا احتمال فيه ( صفحة 26 ) وذلك مثل قوله D { محمد رسول الله } وكقوله تعالى { ولا تقربوا الزنا . ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق } وكقوله A ( في كل خمس شاة في أربع وعشرين من الإبل فما دونها الغنم ) وغير ذلك من الألفاظ الصريحة في بيان الأحكام .
- 1 - فصل .
وأما الظاهر فهو كل لفظ احتمل أمرين وفي أحدهما أظهر كالأمر والنهي وغير ذلك من أنواع الخطاب الموضوعة للمعاني المخصوصة المحتملة لغيرها .
- 2 - فصل .
والعموم كل لفظ عم شيئين فصاعدا كقوله تعالى { اقتلوا المشركين } وقوله تعالى { والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما } .
وغير ذلك فهذه كلها من المبين الذي لا يفتقر في معرفة المراد إلى غيره وإنما يفتقر إلى غيره في معرفة ما ليس بمراد به فيصح الاحتجاج بهذه الأنواع . وقال أبو ثور وعيسى بن أبان العموم إذا دخله التخصيص صار مجملا لا يحتج بظاهره . وقال أبو الحسن الكرخي إن خص بدليل متصل لم يصر مجملا وإن خص بدليل منفصل صار مجملا وقال أبو عبد الله البصري إن كان حكمه يفتقر إلى شروط كآية السرقة فهي مجملة لا يحتج بها إلا بدليل وإن لم يفتقر إلى شروط لم يصر مجملا والدليل على ما قلناه هو أن المجمل ما لا يعقل معناه من لفظه ويفتقر في معرفة المراد إلى غيره وهذه الآيات يعقل معناها من لفظها ولا يفتقر في معرفة المراد بها إلى غيرها فهي كغيرها من الآيات .
- 3 - فصل .
وأما ما يفيد بمفهومه فهو فحوى الخطاب ولحن الخطاب ودليل الخطاب وقد بينتها قبل هذا الباب فأغنى عن الإعادة