- 1 - فصل .
النهي يقارب الأمر في أكثر ما ذكرناه إلا أني أشير إليه على جهة الاختصار وأبين ما يخالف الأمر فيه إن شاء الله تعالى وبه الثقة فأما حقيقته فهو القول الذي يستدعي به ترك الفعل ممن هو دونه ومن أصحابنا من زاد فيه على سبيل الوجوب كما ذكرناه في الأمر .
- 2 - فصل .
وله صيغة تدل عليه في اللغة وهو قوله لا تفعل وقالت الأشعرية ليس له صيغة وقد مضى الدليل عليه في الأمر .
- 3 - فصل .
وإذا تجردت صيغته اقتضت التحريم وقالت الأشعرية لا تقتضي لتحريم ولا غيره إلا بدليل والدليل على ما قلناه أن السيد من العرب إذا قال لعبده لا تفعل كذا ففعل استحق الذم والتوبيخ فدل على أنه ينبغي التحريم .
- 4 - فصل .
وإذا تجردت صيغته اقتضت الترك على الدوام وعلى الفور بخلاف الأمر وذلك أن الأمر يقتضي إيجاد الفعل فإذا فعل مرة في أي زمان فعل سمي ممتثلا وفي النهي لا يسمى منتهيا إلا إذا سارع إلى الترك على الدوام .
- 5 - فصل .
وإذا نهى عن شيء فإن كان له ضد واحد فهو أمر بذلك الضد كالصوم في العيدين وإن كان له أضداد كالزنا فهو أمر بضد من أضداد ه لأنه لا يتوصل إلى ترك المنهي عنه إلا بما ذكرناه . ( صفحة 13 ) .
- 6 - فصل .
وإذا نهى عن أحد شيئين كان ذلك نهيا عن الجمع بينهما ويجوز له فعل أحدهما و قالت المعتزلة يكون ذلك نهيا عنهما فلا يجوز فعل واحد منهما والدليل على ما قلناه هو أن النهي أمر بالترك كما أن الأمر أمر بالفعل ثم الأمر بفعل أحدهما لا يقتضي وجوبهما فكذلك الأمر بترك أحدهما لا يقتضي وجوب تركهما .
- 7 - فصل .
والنهي يدل على فساد المنهي عنه في قول أكثر أصحابنا كما يدل الأمر على أجزاء المأمور به ثم اختلف هؤلاء فمنهم من قال يقتضي الفساد من جهة الوضع في اللغة ومنهم من قال يقتضي الفساد من جهة الشرع ومن أصحابنا من قال النهي لا يدل على الفساد وحكي عن الشافعي C ما يدل عليه وهو قول طائفة من أصحاب أبي حنيفة وأكثر المتكلمين واختلف القائلون بذلك في الفصل بين ما يفسد وبين ما لا يفسد فقال بعضهم إن كان في فعل المنهي إخلال بشرط في صحته إن كان عبادة أو في نفوذه إن كان عقد أوجب القضاء بفساده وقال بعضهم إن كان النهي يختص بالفعل المنهي عنه كالصلاة في المكان النجس اقتضى الفساد وإن لم يختص المنهي عنه كالصلاة في الدار المغصوبة لم يقتض الفساد : والدليل على أن النهي يقتضي الفساد على الإطلاق أنه إذا أمر بعبادة مجردة عن النهي ففعل على وجه منهي عنه فإنه لم يأت بالمأمور على الوجه الذي اقتضاه الأمر فوجب أن تبقى العبادة عليه كما كانت