أعلم أن الأمر قول يستدعي به الفعل ممن هو دونه ومن أصحابنا من زاد فيه على سبيل الوجوب فأما الأفعال التي ليست بقول فإنها تسمى أمرا على سبيل المجاز ومن أصحابنا من قال ليس بمجاز قال الشيخ الإمام أيده الله وقد نصرت ذلك في التبصرة والأول أصح لأنه لو كان حقيقة في الفعل كما هو حقيقة في القول لتصرف في الفعل كما تصرف في القول فيقال أمر يأمر كما يقال ذلك إذا أريد به القول .
- 1 - فصل .
وكذلك ما ليس فيه استدعاء كالتهديد مثل قوله D { اعملوا ما شئتم } والتعجيز كقوله تعالى { قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات } والإباحة مثل قوله D { وإذا حللتم فاصطادوا } .
فذلك كله ليس بأمره وقال البلخي من المعتزلة الإباحة أمر وهذا خطأ لأن الإباحة هي الإذن وذلك لا يسمى أمرا ألا ترى أن العبد إذا استأذن مولاه في الاستراحة وترك الخدمة فأذن له في ذلك لا يقال انه أمره بذلك .
- 2 - فصل .
وكذلك ما كان من النظير للنظير ومن الأدنى للأعلى فليس بأمر وإن كان صيغته صيغة أمر وذلك كقول العبد لربه اغفر لي وارحمني فإن ذلك مسألة ورغبة .
- 3 - فصل .
وأما الاستدعاء على وجه الندب فليس بأمر حقيقة ومن أصحابنا من قال هو أمر حقيقة والدليل على أنه ليس بأمر قوله A ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ) ومعلوم أن السواك عند كل صلاة مندوب إليه وقد أخبر أنه لم يأمر به فدل على أن المندوب إليه غير مأمور به .
- 4 - فصل .
للأمر صيغة موضوعة في اللغة تقتضي الفعل وهو قوله افعل وقالت الأشعرية ليست للأمر صيغة والدليل على أن له صيغة أن أهل اللسان قسموا الكلام فقالوا في جملتها أمر ونهي فالأمر قولك افعل والنهي قولك لا تفعل فجعلوا قوله افعل بمجرده أمرا فدل على أن له صيغة