إذا تعارضت العلتان لم يخل إما أن يكونا من أصل واحد أو من أصلين فإن كانتا من أصلين وذلك مثل علتنا في إيجاب النية والقياس على التيمم وعلتهم في إسقاط النية والقياس على إزالة النجاسة وجب إسقاط إحداها بما ذكرناه من وجوه الإفساد أو ترجيح إحداهما على الأخرى بما نذكره إن شاء الله تعالى وإن كانتا من أصل واحد لم يخل إما أن تكون إحداهما داخلة في الأخرى أو تتعدى إحداهما إلى ما لا تتعدى إليه الأخرى فإن كانت إحداهما داخلة في الأخرى نظرت فإن أجمعوا على أنه ليس له إلا علة واحدة وذلك مثل أن يعلل الشافعي Bه البر بأنه مطعوم جنس ويعلل المالكي بأنه مقتات جنس لم يجز القول بالعلتين بل يصار إلى الإبطال أو الترجيح . وإن لم يجمعوا على أن له علة واحدة مثل أن يعلل الشافعي رضي الله في مسألة ظهار الذمي بأنه يصح طلاقه فصح ظهاره كالمسلم ويعلل الحنفي في المسلم بأنه يصح تكفيره وقد اختلف أصحابنا فيه على وجهين : فمنهم من قال نقول بالعلتين لأنهما لا يتنافيان بل هما متفقان على إثبات حكم واحد . ومنهم من قال لا نقول بهما بل يصار إلى الترجيح والأول أصح لأنه يجوز أن يكون في الحكم علتان و ثلاثة وبعضها يتعدى وبعضها لا يتعدى وإن كانت كل واحدة منهما تتعدى إلى فروع لا تتعدى إليها الأخرى مثل أن يعلل الشافعي البر بأنه مطعوم جنس ويعلل الحنفي بأنه مكيل جنس فهاتان مختلفتان في فروعهما فلا يمكن القول بهما فيكون حكمهما حكم العلتين من أصلين فإما أن يفسد إحداهما إما أن ترجح إحداهما على الأخرى