- إذا اختلف الصحابة في المسألة على قولين وانقرض العصر جاز للتابعين أن يتفقوا على أحدهما ومن أصحابنا من قال لا يتصور ذلك لأن اختلافهم على قولين حجة في جواز الأخذ بكل واحد منهما لا يجوز عليها الخطأ وإجماع التابعين على تحريم أحدهما حجة لا يجوز عليها الخطأ فلا يصح اجتماعهما وهذا غير صحيح لأن صحابة إذا اجتمعت على جواز الأخذ بكل واحد من القولين صار التابعون في القول بتحريم أحدهما بعض الأمة والخطأ جائز على بعض الأمة .
- 1 - فصل .
وإذا اجتمع التابعون على أحد القولين لم يزل بذلك خلاف الصحابة ويجوز لتابع التابعين الأخذ بكل واحد من القولين وقال ابن خيرون والقفال يزول .
الخلاف وتصير المسألة إجماعا وهو قول المعتزلة والدليل على ما قلناه أن اختلافهم على قولين إجماع على جواز الأخذ بكل واحد من القولين وما اجتمعت الصحابة على جوازه لا يجوز تحريمه بإجماع التابعين كما إذا اجمعوا على تحليل شيء لم يجز تحريمه بإجماع التابعين .
- 2 - فصل .
وأما إذا اختلفت الصحابة على قولين ثم اجتمعت على أحدهما نظرت فإن كان ذلك قبل أن يبرد الخلاف ويستقر كخلاف الصحابة لأبي بكر Bه في قتال مانعي الزكاة وإجماعهم بعد ذلك زال الخلاف وصارت المسألة بعد ذلك إجماعا بلا خلاف وإن كان ذلك بعدما برد الخلاف واستقر فإن قلنا إنه إذا اجتمع التابعون زال الخلاف بإجماعهم فبإجماعهم أولى أن يزول وإذا قلنا أن بإجماع التابعين لا يزول الخلاف بنيت على انقراض العصر فإن قلنا أن ذلك شرط في صحة الإجماع جاز لأن اختلافهم على قولين ليس بأكثر من اجتماعهم على قول واحد فإذا جاز لهم أن يرجعوا قبل انقراض العصر فرجوعهم عما اختلفوا فيه أولى وإذا قلنا أن انقراض العصر ليس بشرط لم يجز أن يجمعوا . لأن اختلافهم على قولين حجة لا يجوز عليها الخطأ في تجويز الأخذ بكل واحد من القولين فلا يجوز الإجماع على ترك حجة لا يجوز عليها الخطأ . ( صفحة 51 )