وأيضا فإن الرجوع لا يكون إلا بعد استقرار الحكم والاستثناء مانع من استقرار الحكم وحقيقته إخراج ما لولاه لدخل فى اللفظ فهو مانع من دخول ما يقتضى اللفظ دخوله لا أنه يستقر دخوله ثم يخرج .
اللهم إلا أن يقال فى تحريره إنا إنما منعنا استثناء الأكثر لأنه إبطال للفظ الأول لا تخصيص له وهو لا يملك إبطالهما بالرجوع فنزل استثناء الأكثر فيها منزلة الرجوع .
واستشكل الحارثى فى مسألة من له ثلاث بنين وأوصى بمثل نصيب أحدهم إلا ربع المال فأورد هنا أن الاستثناء مستغرق لأن المثل مع الثلاثة ربع فكيف يستثنى منه الربع .
وأجاب عنه بأن الاستثناء يتبع به النصيب فيتبع الوصية لأن الحاصل للوارث مع عدم الاستثناء ربع فقط ومع الاستثناء ربع وشىء فالمثل الموصى به كذلك فإذا استثنى منه الربع لم يكن الاستثناء مستغرقا .
ثم قال ولقائل أن يقول الزيادة على الربع إنما تثبت بالاستثناء والقدر الثابت بالاستثناء ولا يثبت قبله فلا يحصل بذلك تخليص عن الإيراد والله أعلم .
وأجاب بعض المتأخرين عن الأول بما ذكره أبو محمد المقدسى وغيره من أن استثناء الأكثر إنما يمنع من العدد خاصة أما من الجموع المستغرقة فلا يمتنع استثناء الأكثر وكذلك اختار ابن عصفور .
ولقائل أن يقول الأجزاء تنزل منزلة الأعداد لأنها نصوص فيما دلت عليه فهى كالعدد .
ويجاب عنه بأن الأجزاء هنا غير مصرح بها فإنه لم يقل أوصيت له بالربع إلا الخمس وإنما ذكر ما يقتضى ذلك واستثناء الأكثر إنما يمتنع إذا كانت الكثرة مستفادة من اللفظ نحو له علي عشرة إلا تسعة أما إذا كان الاستثناء مخصصا بوصف واتفق أن الموصوف به أكثر من الباقى لم يكن