وشرط في الأئمة أن يكونوا أفضل الأمة لأن ذلك أقرب إلى طواعيتهم على المساعدة في جلب المصالح ودرء المفاسد .
ولقرب طواعية الأفاضل شرط أن يكون الأئمة من قريش لأن الناس يبادرون إلى طواعية الأفاضل ويتقاعدون عن طواعية الأراذل بل يتقاعدون عن طواعية أمثالهم فما الظن بمن هو دونهم .
ولذلك قدم في كل ولاية أعرف الخلق بمصالحها ومفاسدها وأعرفهم بأحكامها وإن كان قاصرا في معرفة أحكام غيرها وجاهلا بها إذ لا يضره ذلك في ولايته .
ومن رحمته بعباده أن نفذ تصرف أئمة الجور والبغاة فيما وافق الشرع جلبا لمصالح الرعايا ودفعا للمفاسد عنهم .
فصل في تعرف المصالح والمفاسد .
ما أمر الله بشيء إلا وفيه مصلحة عاجلة أو آجلة أو كلاهما .
وما نهى عن شيء إلا وفيه مفسدة عاجلة أو آجلة أو كلاهما .
وما أباح شيئا إلا وفيه مصلحة عاجلة .
ولكل من هذه المصالح رتب متساوية ومتفاوتة في الفساد والصلاح والرجحان وأكثرها ظاهر جلي وأقلها باطن خفي يستدل عليها بأدلتها