واحد منهما على ثبوت الآخر فلا يثبت واحد منهما كما لو قال لا يدخل زيد الدار حتى يدخل عمرو ولا يدخل عمرو حتى يدخل زيد فلا يمكن دخول واحد منهما كذلك هاهنا .
قلن إنما يقف ثبوت كل واحد منهما على ثبوت الآخر في العقليات لأن الحكم الواحد منهما لا يجوز أن يثبت بأكثر من علة واحدة فإذا جعل كل واحد منهما علة للآخر وقف كل واحد منهما على الآخر فاستحال ثبوتهما وأما في أحكام الشرع فإنه يجوز أن يثبت الحكم الواحد منهما بعلل فإذا جعل كل واحد منهما علة للآخر لم يقف ثبوت كل واحد منهما على ثبوت الآخر لجواز أن يثبت أحدهما بطريق مستدل به على الحكم الآخر ويخالف هذا ما ذكروه من الدخول فإن هناك منع أن يكون لكل واحد منهما طريق غير دخول الآخر فوقف أحدهما على الآخر وفي مسألتنا يجوز أن يكون لكل واحد من الحكمين أمارة غير الآخر يثبت بها ثم يستدل به على ثبوت الحكم الآخر فوزانه أن نقول إن دخل زيد الدار فليدخل عمرو وإن دخل عمرو فليدخل زيد ثم دخل أحدهما بسبب من الأسباب فيصير دلالة على دخول الآخر فكذلك هاهنا .
قالوا إذا جعلتم كل واحد منهما علة للآخر جعلتم الموجب موجبا وذلك لا يجوز .
قلنا إنما لا يجوز إذا جعلنا كل واحد منهما علة موجبة للآخر فيصير كل واحد منهما موجبا ونحن لا نفعل ذلك وإنما جعلنا صحة كل واحد من الحكمين أمارة ودلالة على صحة الآخر وفي الدلائل يجوز أن يجعل كل واحد من الأمرين دليلا على الآخر إذا كان طريق ثبوتهما واحدا .
ألا ترى أنه إذا كان للرجل ولدان جاز أن يستدل بإرث كل واحد منهما على إرث الآخر فيكون كل واحد منهما دليلا على الآخر حين كان طريقهما في الاستحقاق واحدا فكذلك إذا عرف من عادة الإنسان أنه إذا وهب لأحد بنيه شيئا وهب للآخر مثل ذلك جاز أن يستدل بعطية كل واحد منهما على عطية الآخر فكذلك هاهنا لما كان ثبوت طريق الطلاق والظهار النكاح جاز أن يجعل صحة كل واحد منهما دليلا على صحة الآخر