مسألة 19 .
لا يجوز للمستدل أن ينقض علة السائل بأصل نفسه .
ومن أصحابنا من أجاز ذلك وهو قول الجرجاني من أصحاب أبي حنيفة .
لنا هو أن العلة حجة على المستدل في الموضع الذي ينقض به العلة فلا يجوز نقض الحجة بالدعوى .
ولأنه لو جاز نقض العلة بمذهبه لجاز أن ينقضها بموضع الخلاف ولما لم يجز هذا لم يجز ذلك .
ولأن قوله إن هذه العلة تنتقض بأصلي معناه إني لا أقول بهذه العلة في هذا الموضع وفي موضع آخر وهذا لا يسقط الدليل كما لو استدل عليه بخبر فقال أنا لا أقول بهذا الخبر في هذا الموضع ولا في موضع آخر .
واحتج المخالف بأنه لو جاز للمسؤول في الابتداء أن يبني على أصله فيقول إن سلمت هذا الأصل ثبتت علته وإلا دللت عليه جاز أن ينقض على أصله فيقول إن سلمت هذا انتقضت به العلة وإن لم تسلم دللت عليه .
قلنا في الابتداء يجوز ذلك لأنه لا يلزم الكلام في موضع بعينه وليس كذلك هاهنا لأنه قد التزم الكلام في موضع بعينه وتعين عليه نصرته فلا يجوز أن ينتقل عنه إلى غيره يدلك عليه أن في الابتداء يجوز له أن يستدل بما شاء