ولأن ما أوجب تخصيص العموم لا فرق بين أن يتأخر أو يتقدم كالقياس لا فرق بين أن يكون مستنبطا من أصل متقدم أو أصل متأخر فكذلك هاهنا .
ولأن الخبر الخاص أقوى من القياس فإذا جاز تخصيص العموم بقياس مستنبط من أصل متقدم وروده على العموم فلأن يجوز بالخبر الخاص أولى .
ولأنه لا خلاف أن تخصيص العموم بأدلة العقل جائز وإن كانت متقدمة عليه فكذلك هاهنا .
فإن قيل أدلة العقل لا يمكن نسخها فقضي بها على العموم والخاص يصح نسخه فنسخ به .
والجواب أنه إن كان لا ينسخ دليل العقل فلا ينسخ الخاص أيضا إلا بمثله والعام ليس مثل الخاص في القوة فلا يجب أن ينسخ به .
ولأن الخاص المتقدم متيقن ونسخه بما ورد من اللفظ العام غير متيقن فلا يجوز نسخ المتيقن بغير متيقن .
ولأنه لا فرق في اللغة بين قوله لا تعط فلانا حقه وأعط الناس حقوقهم وبين قوله أعط الناس حقوقهم ولا تعط فلانا حقه .
فإنه يعقل من الكلامين تخصيص العام منهما وبنى أحد اللفظين على الآخر فوجب أن يكونا فيما اختلفا فيه مثله .
واحتجوا فيما روي عن ابن عباس Bه أنه قال كنا نأخذ من أوامر رسول الله A بالأحدث فالأحدث .
والجواب هو أنا نأخذ بالأحدث فالأحدث على حسب ما يقتضيه والذي يقتضيه هو القدر الذي يبقى معه التخصيص على أنه يعارضه قوله D ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض فذم من عمل بالبعض دون البعض وهم