ما ألقي إليهم ( وتفننها ) وكانوا يهجمون على الجواب فيها هجوم من لا يرى ( للأجوبة ) حصرا ومنتهى ولو كان يجوز خلو بعض الوقائع عن حكم الله ( لاتفق ) وقوع واقعة خلت عن حكم الله ( وبدت ) فإذا لم يتفق دل ( على ) أنهم ما اعتقدوه جواز خلو الواقعة عن حكم الله .
1529 - وأما ما استدلوا به من كون المآخذ محصورة واستحالة ما لا يتناهي مما يتناهى فهو ( بين ) لا حاصل له فإن من تأمل قواعد الشريعة وجدها مترددة بين طرفين أحدهما محصور والآخر غير محصور فالنجاسة محصورة والطهارة لا حصر فيها والتحريم محصور والإباحة لا حصر لها فالواقعة إذا ترددت من الطرفين ووجدت في شق الحصر وذلك وإلا حكم فيها بحكم الشق الآخر الذي أعفى الحصر عنه .
1530 - هذا نهاية القول في المقدمتين ( وإذا ) عدنا إلى المقصود فالواقعة إذا ترددت بين مفتتين وتناقض جوابهما فمن صار إلى الأخذ بالأغلظ فقد تحكم من غير ثبت ومن صار إلى إتباع ما يشهد له نفسه بالصحة فهو إتباع الهواجس والحماقات ومن صار إلى التخيير فهو أقرب قليلا وله الثبات على مأخذ المضربين فإنه ما من مسلك إلا ويجوز أن يفترض اختيار مجتهد وعن هذا صار بعض الناس إلى التخيير في مسألة التصويب من غير اجتهاد .
1531 - وهذا مع ما هو عليه من القرب لا وجه له فإن التخيير استواء الإقدام والإحجام وهو حقيقة الإباحة فمنه صار إلى التخيير فقد أثبت الإباحة من غير أصل وثبت فإن قيل فما الذي تختارونه أنتم في هذه المسألة وقد زيفتم المسالك المقدمة