المجتهد إلى طلب الحكم فيها فينظر أولا في نصوص الكتاب فإن وجد مسلكا دالا على الحكم فهو المراد وإن أعوزه انحدر إلى نصوص الأخبار المتواترة فإن وجده وإلا انحط إلى نصوص أخبار الآحاد فإن عثر على مغزاه وإلا انعطف على ظواهر الكتاب فإن وجد ظاهرا لم يعمل بموجبه حتى يبحث عن المخصصات فإن لاح له مخصص ترك العمل بفحوى الظاهر وإن لم يتبين مخصص طرد العمل بمقتضاه ثم إن لم يجد في الكتاب ظاهرا نزل عنه إلى ظواهر الأخبار المتواترة مع انتفاء المختص ثم إلى أخبار الآحاد .
1503 - فإن عدم المطلوب في هذه الدرجات لم يخض في القياس بعد ولكنه ينظر في كليات الشرع ومصالحها العامة وعد الشافعي من هذا الفن إيجاب القصاص في المثقل فإن نفيه يخرم قاعدة الزجر ثم إذا لم يجد في الواقعة مصلحة عامة التفت إلى مواضع الإجماع فإن وجدهم أطبقوا على حكم نصوا عليه فقد كفوه مؤنة البحث والفحص .
1504 - فإن عدم ذلك خاض في القياس ونظر فإن وجد الواقعة في معنى المنصوص عليه فلا يثقل عليه سبر الطرق فإن أعوزه فيقيس ويطلب الإخالة والمناسبة والإشعار فإذا هجم عليه عمل به إذا لم يعارضه مثله فإن عارضه ما يوازيه في الإخالة يكلف الترجيح فإن استويا في طرق التلويح لم يفت بواحد منهما فإن تعسر عليه وجدان المخيل طلب الشبه إن جعلناه حجة لا مزيد على هذا الترتيب إلا أن ( يعينه الرب ) فإنه لو قدم الإجماع ليفتي به جاز فإنه مقدم على كل مسلك في المرتبة العلية والله أعلم