وإحكام الآت الاجتهاد والتزام المستند في سبر الرشاد مفض إليه فأحد المجتهدين لما خالف مطلب التأني كان مقصرا في اجتهاده إذ لو أتم الاجتهاد على ما ينبغي لاتحد مطلب الاجتهادين قلنا أليس وجب عليه بإيجاب الله تعالى وأمره العمل بموجب الاجتهاد الذي هو مخطئ فيه فالواجب عليه ذلك فقد أصاب الحق وأما وهي الاجتهاد والتقصير في انقسامه فلا معنى له ولأن الاجتهاد ليس هو إلا طلبا فيه غلبة ظن وإذا أنتج غلبة الظن فقد أتم المقصود وإنهاء الاجتهاد نهايته مما يستحيل أن يخاطب به فإن غايته مجهولة ليست معلومة مفهومة مضبوطة فالأمر بإنهائه إلى نهاية غير مضبوطة تكليف ما لا يطاق وإذا لم يكلف ذلك فقد أدى من الاجتهاد ما أفاد غلبة الظن والشرع اوجب عليه العمل بموجبه فيبعد أن يوجب الشرع عليه عملا ثم يحكم بأنه مخطئ ( فيما ) أوجب الجريان عليه .
1471 - فإذا حصلت الإحاطة بهذه الطرق فأقول المختار عندي أمر ملتفت وكأنه ملتقط من الطرفين وهو يجمع المحاسن وذلك أنا نقول للأستاذ إن عنيت بتخطئة أحدهما أنه لا يجب العمل بموجب غلبة الظن فهذا إنكار ما لا وجه لإنكاره إذ المجتهد إذا غلب على ظنه أمر فأمر الله عليه إتباع موجب ( ظنه ) ولا أن يناط لظنه غيره فيتأثر به وإن عنيت به أنه كلف المجتهد وراء غلبة الظن بتحصيل أمر آخر فلا وجه له أيضا إذ الامر والاجتهاد ينضبط به وغلبة الظن حاصل .
1472 - وأما القاضي فنقول له إن عنيت بالتصويب وجوب العمل عليهما على وفق ظنهما فهذا مسلم وإن عنيت به رفع الاجتهاد وإثبات الخيرة واعتقاد التسوية بين التحليل والتحريم فهذا أمر يناقض وضع الشريعة على القطع وهذا معلوم على الضرورة