أما القاضي رحمة الله عليه فإنه استمر على لجاج ظاهر فقال الصلاة الدعاء والمسمى بها في الشرع دعاء عند وقوع أقوال وأفعال ثم الشرع لا يزجر عن تسمية الدعاء المحض صلاة وطرد ذلك في الألفاظ التي فيها الكلام .
وهذا غير سديد فإن حملة الشر يعة مجمعون على أن الركوع والسجود من الصلاة ومساق ما ذكره أن المسمى بالصلاة الدعاء فحسب وليس الأمر كذلك .
85 - وأما المختار عندنا فيقتضي بيانه تقديم أصل هو مقصود في نفسه وبه يتم غرض المسألة فنقول .
قد ذكر الأصوليون أن في الألفاظ ما هو عرفي وللعرف احتكام فيه ووجه احتكام العرف فيه يحصره شيئان أحدهما أن تعم استعارته عموما يستنكر معها استعمال الحقيقة وهذا كقول القائل الخمر محرمة وهذا مستعار متجوز فإن الخمر لا تكون مرتبط التكليف وإنما يتعلق التكليف بأحكام أفعال المكلفين فالمحرم إذا شرب الخمر وتعاطيها ولو قال قائل ليست الخمر محرمة لكان قائلا هجرا ويكثر تطاير ذلك في اللسان والشرع فهذا أحد الوجهين .
والثاني يخصص العرف أسماء ببعض المسميات ووضع الاسم يقتضي ألا يختص وهذا كالدابة فإنها مأخوذة من دب يدب وهو مبني بناء فاعل على قياس مطرد في أسماء الفاعلين ثم يقال فلان دب ولا يسمى دابة إلا بعض البهائم والحشرات كالحيات ونحوها .
فاذا تبين هذا بنينا عليه غرضنا وقلنا الدعاء التماس وأفعال المصلي أحوال يخضع فيها لربه D ويبغى بها التماسا فعمم الشرع عرفا في تسمية تلك الأفعال دعاء تجوزا واستعارة وخصص اسم الصلاة بدعاء مخصوص فلا تخلو الألفاظ الشرعية