ورود الأمر والنهي ثم قسموا هذا القسم قسمين فزعموا أن أحدهما يدرك القبح والحسن فيه ضرورة ببديهة العقل والثاني يدرك الأمران فيه بالنظر العقلي الجامع بينه وبين الضروري ومثلوا ذلك في التقبيح بالكذب الذي لا فائدة فيه والكذب المفيد فقالوا ما لا يفيد من الكذب يدرك قبحه ببديهة العقل والمفيد ملحق بغير المفيد بمسلك لهم نظري سنذكره في شبههم وكذلك قولهم في الظلم الذي لا يفيد مع المفيد منه فهذا أحد القسمين .
والقسم الثاني ما يقضي الشرع بالتقبيح فيه والتحسين والعقول لا تستدركها وزعموا أن معظم تفاصيل الشريعة في المأمورات والمنهيات تنحصر في هذا القسم ثم قالوا إنما يرسم الشارع عليه السلام منها ما يرسم لوقوعها في المعلوم ألطافا داعية إلى الخير والشارع إنما يأمر بما يعلم أن امتثال أمره فيه يدعو إلى المثابرة على المستحسنات العقلية وكذلك القول في نقيضها من النهي في التفصيل .
واضطرب النقلة عنهم في قولهم يقبح الشيء لعينه أو يحسن فنقل عنهم أن القبح والحسن في المعقولات من صفات أنفسها ونقل عنهم أن القبح صفة النفس وأن الحسن ليس كذلك ونقل ضد هذا عن الجبائي وكل ذلك جهل بمذهبهم فمعنى قولهم يقبح ويحسن الشيء لعينه أنه يدرك ذلك عقلا من غير إخبار مخبر