الطاردين فلا بد من ظهور وجه في ظن المستنبط يوجب تخيل معنى مخصوص في انتصابه علما وهو مطالب بإبدائه فإذا اقتصر على محض الدعوى كان ادعاؤه المجرد في نصب العلل كادعائه الحكم في محل النزاع وكادعائه كون صورة النزاع كمسألة متفق عليها من غير ذكر جامع ومن أنكر أن ادعاء معنى الأصل في حقيقة الدعوى وصورتها فقد جحد الضرورة وإن اعترف الخصم أنها دعوى وألزم قبولها من غير برهان فقد تناهى في الاحتكام وانحط عن رتبة النظار بالكلية .
757 - فإن زعم زاعم أني نصبت علما كانت الصحابة تنصبه للأحكام علما قيل له كانوا ينصبون كل عام لكل حكم أو كانوا يرون لذلك مسالك تخصيص بعض الأعلام فإن زعم أنهم كانوا ينصبون كل شيء علما فقد ظهر اجتراؤهم وقصارى كلامهم العود إلى الطرد .
وإن سلموا أنهم كانوا يثبتون الأحكام لوجوه هي عللها فيقال لمن ادعى نصب العلم ما الدليل على أن ما نصبته من جنس منصوب الصحابة فيرجع حاصله إلى القول بالمطالبة بالدليل فإن قيل الدليل على ثبوت المدعى علما عجز المعترض عن الاعتراض عليه فهذا كلام سخيف فإن المعترض واقف موقف المسترشد سائل خصمة إثبات دليل فكيف يحسن رد الدليل إلى عجزه وقدرته ولو اعترف بعجزه عن الاعتراض لم ينتهض عجزه علما على انتصاب ما ادعاه المجيب علما .
وهذا القدر من التنبيه كاف إذ هو من الكلام الغث ويكفي التنبيه في مثل هذا المقام