الناظر يقدم ما يقتضي العقل والشرع جميعا تقديمه عند تفاوت المراتب فإن استوت المراتب وتحقق التعارض والألفاظ نصوص فالكلام في ذلك يئول إما إلى الإسقاط وإما إلى الترجيح على ما يأتي في كتاب الترجيح إن شاء الله تعالى .
426 - فأما الظاهر الذي يتطرق إمكان التأويل إليه وإنما ظهوره في جهته مظنون غير مقطوع به فعليه ينبني هذا الكتاب .
427 - والوجه تصدير هذا الفصل بأمرين .
أحدهما إبانة بطلان الاستدلال بالظاهر فيما المطلوب منه القطع لأن ظهور معناه غير مقطوع به فلا يسوغ وضع الاستدلال به على ما هذا سبيله وإن قدر ذلك من مستدل أشعر بجهله بأحد أمرين إما أن يجهل كونه ظاهرا أو يعتقده نصا والأمر على خلاف ما يقدره وإما أن يجهل تمييز مواقع العلوم عن مجال الظنون والجاهل بالوجه الأول أحق بأن يعذر من الجاهل بالرتبة الثانية ثم إذا فرض ذلك في المستدل فليس من حق المستدل عليه أن يشتغل بالتأويل بل يكفيه أن يبين تطرق الاحتمال وخروج اللفظ عن القواطع .
وإذا وضح ذلك التحق الظاهر في محل طلب العلم بالمجملات التي لا تستقل بأنفسها .
428 - والثاني أن الظاهر حيث لا يطلب العلم معمول به والمكلف محمول على الجريان على ظاهره في عمله وقد قدمنا في أثناء الكلام في ذلك قولا بالغا وإن حاولنا تجديد العهد به فالمعتمد فيه والأصل والتمسك بإجماع علماء