ذلك في مفهوم الموافقة إذا انتهى إلى المرتبة العليا وإذ ذاك يسمى عند أرباب الأصول الفحوى والغالب على مفهوم المخالفة الظهور والانحطاط عن رتبة النصوص .
فما يقع ظاهرا من تقاسيم المفهوم فالقول الضابط فيه أنه نازل منزلة اللفظ الموضوع للعموم وضعا ظاهرا فيجوز ترك المفهوم بما يسوغ به تخصيص العموم وهذا نفصله في باب التأويل إن شاء الله تعالى .
379 - وغرضنا الان بعد إلحاق المفهوم باللفظ الموضوع للعموم أمران .
أحدهما أن ترك جميع المفهوم بدليل يقوم بمثابة تخصيص العموم وليس كرفع جميع مقتضى اللفظ .
والقول المقنع فيه أن المفهوم ليس مستقلا بنفسه وليس جزءا من الخطاب بذاته ولكنه من مقتضيات اللفظ فإن اقتضى ظهور أمر تركه فاللفظ بمقتضياته باق وفي تقدير رفع جميع متعلقات المنطوق رفع جميع مقتضى اللفظ وتعطيله ومعناه فكان المفهوم كبعض مسميات العموم .
وإيضاح ذلك أنا ألفينا اللفظ الموضوع للعموم يستعمل تارة للاستغراق وتارة لبعض المسميات فلما استمر الأمران لم يكن في التخصيص خروج عن مقتضى اللسان وإن كان الظاهر الجريان على العموم وكذلك نرى العرب تخصص الشيء بصفة وهي تبغي نفي المخبر عنه عند انتفاء الصفة وقد لا تريد ذلك فليس قصد نفي ما عدا المخصص أمرا مقطوعا به فكان ترك المفهوم ورفع أصل التخصيص من السائغ الذي لا يستنكر مثله وشفاء غليل الطالب موقوف على وقوفه على حقائق التأويلات وهذا أحد الأمرين .
380 - والثاني أن التخصيص إذا جرى موافقا لما يصادف ويلقى في مستقر