وخصص أبو حنيفة معنى هذا الاستثناء بنبذ الفسق والتسمية به فالقذفة فسقة إلا من تاب فسقط عنه بظهور التوبة اسم الفسق وأما حكم الرد المستفاد من قوله تعالى ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا فلا ينعطف الاستثناء عليه وهو مستدام على التأييد كما أشعر به قوله تعالى أبدا .
ونحن نذكر الان ما قاله الأصوليون لكل فريق ثم نذكر ما هو المختار كدأبنا في المسائل .
289 - فمما ذكره أصحاب الشافعي أن الجمل إذا عطف بعضها على بعض فالواو ناسقة عاطفة مشركة مصيرة جميع ما للعطف بها في حكم جملة مجموعة لا انعطاف ولا ترتيب فيها فإذا قال القائل رأيت زيدا وعمرا اقتضى ذلك اشتراك المذكورين في الرؤية وحاصل ذلك يتضمن المصير إلى جعل الجمل وإن ترتبت ذكرا جملة واحدة ويقتضي ذلك استرسال الاستثناء عليها .
وهذا عندي خلى عن التحصيل مشعر بجهل مورده بالعربية والتشريك الذي ادعى هؤلاء إنما يجري في الأفراد التي لا تستقل بأنفسها وليست جملا معقودة بانفرادها كقول القائل رأيت زيدا وعمرا فأما إذا اشتمل الكلام على جمل وكل جملة لوقدر السكوت عليها لاستقلت بالإفادة فكيف يتخيل اقتضاء الواو التشريك فيها ولكل جملة معناها الخاص بها وقد يكون بعضها نفيا وبعضها إثباتا في مثل قول القائل أقبل بنو تميم وارفضت قريش وتألبت عقيل فكيف يتحقق الاشتراك في هذه المعاني المختلفة التي لا يتصور الإشتراك فيها فالواو لا تكسب الجمل إعرابا