مسألة .
33 - ذهب بعض أصحاب أبي حنيفة إلى أن الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة وظاهر مذهب الشافعي C أنهم مخاطبون بها .
وفصل فاصلون من العلماء بين المأمورات والمنهيات وقالوا هم معاقبون على ارتكاب المنهيات غير معاقبين على ترك المأمورات .
34 - والقول في هذه المسألة يتعلق بطرفين أحدهما في جواز المخاطبة عقلا وإمكان ذلك والثاني في وقوع ذلك إن ثبت جوازه فأما الجواز فالذي حمل الصائرين إلى منع ذلك والقضاء باستحالته أنه لو فرض الخطاب بإقامة الفروع لكان ذلك خطابا بتصحيح الفروع وذلك مستحيل مع الإصرار على الكفر وفي تجويز مخاطبتهم بإقامة الشرائع مع تقدير استمرارهم على الكفر تجويز تكليف ما لا يطاق وقد سبق بطلانه وهذا منقوض أولا باعتقاد النبوات واعتقاد صدق الأنبياء عليهم السلام فإن ذلك غير ممكن فيمن لا يعتقد الصانع المختار ولا خلاف أن الكفار أجمعين مخاطبون بتصديق الأنبياء عليهم السلام وإن اقتضى وقوع ذلك تقديم قواعد العقائد في الإلهيات وكذلك المحدث مأمور بالصلاة عند دخول وقتها وإن كان لا يتأتي منه إقامتها ما لم يقدم رفع الحدث عليها .
ثم التحقيق في ذلك كله عندي أن الكافر في حال كفره يستحيل أن يخاطب بإنشاء فروع على الصحة وكذلك القول فيما يقع اخرا من العقائد في حق من لم يصح عقده في الأوائل وكذلك المحدث مستحيل أن يخاطب بإنشاء الصلاة الصحيحة مع بقاء الحدث ولكن هؤلاء مخاطبون بالتوصل إلى ما يقع اخرا ولا يتنجز الأمر عليهم بإيقاع المشروط قبل وقوع الشرط ولكن إذا مضى من الزمان ما يسع الشرط والمشروط والأوائل والأواخر فلا يمتنع أن يعاقب الممتنع على حكم التكليف