فإذا كان كذلك فليس الزجر عن الأضداد مقصود الآمر وإنما يخطر له النهي لو خطر ليكون الانكفاف عن الأضداد ذريعة إلى إيقاع الامتثال وليس تقدير خطور أمرها بالبال متضمنا قيام زجر عنها مقصود والذي يجرد قصده إلى النهي عن شيء يعلم قيام زجر عنه مقصود بذاته والذي يحقق الغرض فيه فرض أمر مستحيل يشعر بتكميل الغرض وهو أن الآمر لو قدر تجويز مجامعة الأضداد لكان لا يأبى وقوعها مع المأمور به ولو نهى عنها قصدا لأباها فإذا خطور الإنكفاف عن الأضداد ببال الآمر آيل إلى امتناع المأموربه خلفة معها لا إلى قصد نفي الأضداد وهذا نهاية الوضوح .
165 - فأما من قال النهى عن الشيء أمر بأحد أضداد المنهى عنه فقد اقتحم أمرا عظيما وباح بالتزام مذهب الكعبي في نفي الإباحة على ما سنذكر ذلك في باب النهي فإنه إنما صار إلى ذلك من حيث قال لا شيء مقدر مباحا إلا وهو ضد محظور فيقع من هذه الجهة واجبا فإن ترك المحظور واجب وسنتكلم عليه إن شاء الله تعالى .
166 - ومن قال الأمر بالشيء نهى عن الأضداد أو متضمن للنهي عن الأضداد وليس النهي عن الشيء أمرا بأحد الأضداد من حيث تفطن لغائلة الكعبي فقد تناقض كلامه فإنه كما يستحيل الإقدام على المأمور به دون