فصل إذا تقرر أن البدع ليست في الذم ولا في النهي على رتبة واحدة .
إذا تقرر أن البدع ليست في الذم ولا في النهي على رتبة واحدة وأن منها ما هو مكروه كما أن منها ما هو محرم فوصف الضلالة لازم لها وشامل لأنواعها لما ثبت من قوله A : .
[ كل بدعة ضلالة ] .
لكن يبقى ها هنا إشكال وهو أن الضلالة ضد الهدى لقوله تعالى : { أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى } وقوله : { ومن يضلل الله فما له من هاد } { ومن يهد الله فما له من مضل } وأشباه ذلك مما قوبل فيه بين الهدى والضلال فإنه بقتضي أنهما ضدان وليس بينهما واسطة تعتبر في الشرع فدل على أن البدع المكروهة خروج عن الهدى .
ونظيره في المخالفات التي ليست ببدع المكروهة من الأفعال كالالتفات اليسير في الصلاة من غير حاجة .
والصلاة وهو يدافعه الأخبثان وما أشبه ذلك .
ونظيره في الحديث : .
[ نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا ] فالمرتكب للمكروه لا يصح أن يقال فيه مخالف ولا عاص مع أن الطاعة ضدها المعصية وفاعل المندوب مطيع لأنه فاعل أمر به فإذا اعتبرت الضد لزم أن يكون فاعل المكروه عاصيا لأنه فاعال ما نهي عنه لكن ذلك غير صحيح إذ لا يطلق عليه عاص فكذلك لا يكون فاعل البدعة المكروهة ضالا وإلا فلا فرق بين إعتبار الضد في الطاعة واعتباره في الهدى فكما يطلق على البدعة المكروهة لفظ الضلالة فكذلك يطلق على الفعل المكروه لفظ المعصية وإلا فلا يطلق على البدعة المكروهة لفظ الضلالة كما لا يطلق على الفعل المكروه لفظ المعصية .
إلا أنه قد تقدم عموم لفظ الضلالة لكل بدعة فليعم لفظ المعصية لكل فعل مكروه لكن هذا باطل فما لزم عنه كذلك