أمر مالك و الشافعي بالإتباع دون تقليدهما .
ومن معنى كلام مالك C : ما كان من كلامي موافقا للكتاب والسنة فخذوا به وما لم يوافق فاتركوه هذا معنى كلامه دون لفظه .
ومن كلام الشافعي C : الحديث مذهبي فما خالفه فاضربوا به الحائط أو كما قال قال العلماء : وهذا لسان حال الجميع ومعناه أنكل ما تتكلمون به على تحري أنه طابق الشريعة الحاكمة فإن كان كذلك فبها ونعمت وما لا فليس بمنسوب إلى الشريعة ولا هم أيضا ممن يرضى أن تنسب إليهم مخالفتها .
لكن يتصور في هذا المقام وجهان : أن يكون المتبوع مجتهدا فالرجوع في التخطئة والتصويب إلى ما اجتهد فيه وهو الشريعة وأن يكون مقلدا لبعض العلماء كالمتأخرين الذين من شأنهم تقليد المتقدمين بالنقل من كتبهم والتفقه في مذاهبهم فالرجوع في التخطئة والتصويب إلى صحة النقل عمن نقلوا عنه وموافقتهم لمن قلدوا أو خلاف ذلك لأن هذا القسم مقلدون بالعرض فلا يسعهم الاجتهاد في استنباط الأحكام إذ لم يبلغوا درجته فلا يصح تعرضهم للإجتهاد في الشريعة مع قصورهم عن درجته فإن فرض انتصابه للإجتهاد فهو مخطىء آثم أصاب أم لم يصب لأنه أتى الأمر من غيره وانتهك حرمة الدرجة وقفا ما ليس له به علم فإصابته ـ إن أصاب ـ من حيث لا يدري وخطؤه هو المعتاد فلا يصح ابتاعه كسائر العوام إذا راموا الاجتهاد في أحكام الله ولاخلاف أن مثل هذا الاجتهاد غير معتبر وأن مخالفة العامي كالعدم وأنه في مخالفته لأهل العلم آثم مخطىء فكيف يصح ـ مع هذا التقرير ـ تقليد غير مجتهد في مسألة أتى فيها باجتهاده ؟ .
ولقد زل ـ بسبب الإعراض عن الدليل والاعتماد على الرجال ـ اقوام خرجوا بسبب ذلك عن جادة الصحابة والتابعين واتبعوا أهواءهم بغير علم فضلوا عن سواء السبيل