العقل غير حاكم بإطلاق والشرع حاكم عليه بإطلاق خرق العوائد لا ينبغي للعقل إنكاره بإطلاق .
والثاني : أنه إذا وجد في الشرع أخبارا تقتضي ظاهرا خرق لعادة الجارية المعتادة فلا ينبغي له أن يقدم بين يديه الإنكار يإطلاق بل له سعة في أحد أمرين : إما أن يصدق به على حسب ما جاء ويكل علمه إلى عالمه وهو ظاهر قوله تعالى : { والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا } يعني الواضح المحكم والمتشابه المجمل إذ لا يلزمه العلم به ولو لزم العلم به لجعل له طريق إلى معرفته وإلا كان تكليفا بما لا يطاق وإما أن يتأوله على ما يمكن حمله عليه مع الإقرار بمقتضى الظاهر لأن إنكاره إنكار لخرق العادة فيه .
وعلى هذا السبيل يجري حكم الصفات التي وصفت الباري بها نفسه لأن من نفاها نفى شبه صفات المخلوقين وهذا منفي عند الجمهور فبقي الخلاف في نفي عين الصفة أو إثباتها فالمثبت أثبتها على شرط نفي التشبيه والمنكر لأن يكون ثم صفة غير شبيهة بصفات المخلوقين منكر لأن يثبت أمر إلا على وفق المعتاد .
فإن قالوا : هذا لازم فيما تنكره العقول بديهة كقوله : .
[ رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ] فإن الجميع أنكروا ظاهره إذ العقل والحس يشهدان بأنها غير مرفوعة وأنت تقول : اعتقدوا أنها مرفوعة وتأولوا الكلام