الثاني أن يخالف الأصل بنوع من التأويل .
والثاني : أن يخالف الأصل بنوع من التأويل هو فيه مخطىء بأن يضع الإسم على غير موضعه أو على بعض مواضعه أو يراعي فيه مجرد اللفظ دون اعتبار المقصودة أو غير ذلك من أنواع التأويل .
والدليل على أن هذا هو المراد بالحديث وما في معناه أن تحليل الشيء إذا كان مشهورا فحرمه بغير تأويل أو التحريم مشهورا فحلله بغير تأويل كان كفرا وعنادا ومثل هذا لا تتخذه الأمة رأسا قط إلا أن تكون الأمة قد كفرت والأمة لا تكفر أبدا .
وإذا بعث الله ريحا تقبض أرواح المؤمنين لم يبق حينئذ من يسأل عن حرام أو حلال وإذا كان التحليل أو التحريم غير مشهور فخالفه مخالف لم يبلغه دليله فمثل هذا لم يزل موجودا من لدن زمان أصحاب رسول الله صلى ا لله عليه وسلم هذا إنما يكون في آحاد المسائل فلا تضل الأمة ولا ينهدم الإسلام ولا يقال لهذا : إنه محدث عند قبض العلماء .
فظهر أن المراد إنما هو استحلال المحرمات الظاهرة أو المعلومة عنده بنوع تأويل وهذا بين في المبتدعة الذين تركوا معظم الكتاب والذي تضافرت عليه أدلته وتواطأت على معناه شواهده وأخذوا في اتباع بعض المتشابهات وترك أم الكتاب .
فإذا هذا ـ كما قا ل الله تعالى ـ زيغ وميل عن الصراط المستقيم فإن تقدموا أئمة يفتون ويقتدى بهم بأقوالهم وأعمالهم سكنت إليهم الدهماء ظنا أنهم بالغوا لهم في الاحتياط على الدين وهم يضلون بغير علم ولا شيء أعظم على الإنسان من داهية تقع به من حيث لا يحتسب فإنه لو علم طريقها لتوقاها ما استطاع فإذا جاءته على غرة فهي أدهى وأعظم على من وقعت به وهو ظاهر فكذلك البدعة إذا جاءت العامي من طريق الفتيا لأنه يستند في دينه إلى من ظهر في رتبة أهل العلم فيضل من حيث يطلب الهداية : اللهم { اهدنا الصراط المستقيم * صراط الذين أنعمت عليهم }