المسألة الخامسة والعشرون أنه جاء في بعض روايات الحديث : أعظمها فتنة الذين يقيسون الأمور برأيهم .
أنه جاء في بعض روايات الحديث : .
[ أعظمها فتنة الذين يقيسون الأمور برأيهم فيحلون الحرام ويحرمون الحلال ] فجعل أعظم تلك الفرق فتنة على الأمة أهل القياس ولا كل قياس بل القياس على غير أصل فإن أهل القياس متفقون على أنه على غير أصل يصح وإنما يكون على أصل من كتاب أو سنة صحيحة أو إجماع معتبر فإذا لم يكن للقياس أصل ـ وهو القياس الفاسد ـ فهو الذي لا يصح أن يوضع في الدين ـ فإنه يؤدي إلى مخالفة الشرع وأن يصير الحلال بالشرع حراما بذلك القياس والحرام حلالا فإن الرأي من حيث هو رأي لا ينضبط إلى قانون شرعي إذا لم يكن له أصل شرعي فإن العقول تستحسن ما لا يستحسن شرعا وتستقبح ما لا يستقبح شرعا وإذا كان كذلك صار القياس على غير أصل فتنة على الناس .
ثم أخبر في الحديث أن المعلمين لهذا القياس أضر على الناس من سائر أهل الفرق واشد فتنة وبيانه أن مذاهب أهل الأهواء قد اشتهرت الأحاديث التي تردها واستفاضت وأهل الأهواء مقموعون في الأمر الغالب عند الخاصة والعامة بخلاف الفتيا فإن أدلتها من الكتاب والسنة لا يعرفها إلا الأفراد ولا يميز ضعيفها من قويها إلا الخاصة وقد ينتصب للفتيا والقضاء ممن يخالفها كثير