خطبة الكتاب .
الحمد لله المحمود على كل حال الذي بحمده يستفتح كل أمر ذي بال خالق الخلق لما شاء وميسرهم على وفق علمه وإرادته لا على وفق أغراضهم لما سر وساء ومصرفهم بمقتضى القبضتين فمنهم شقي وسعيد وهداهم النجدين فمنهم قريب وبعيد ومسويهم على قبول الإلهامين ففاجر وتقي كما قدر أرزاقهم بالعدل على حكم الطرفين ففقير وغني كل منهم جار على ذلك الأسلوب فلا يعدوه فلو تمالؤوا على أن يسدوا ذلك الفتق لم يسدوه أو يردوا ذلك الحكم السابق لم ينسخوه ولم يردوه فلا إطلاق لهم على تقييده ولا انفصال { ولله يسجد من في السماوات والأرض طوعا وكرها وظلالهم بالغدو والآصال } .
والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد نبي الرحمة وكاشف الغمة الذي نسخت شريعته كل شريعة وشملت دعوته كل أمة فلم يبق لأحد حجة دون حجته ولا استقام لعاقل طريق سوى لا حب محجته وجمعت تحت حكمتها كل معنى مؤتلف فلا يسمع بعد وضعها خلاف مخالف ولا قول مختلف فالسالك سبيلها معدود في الفرقة الناجية والناكب عنها مصدود إلى الفرق المقصرة أو الفرق الغالية صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين اهتدوا بشمسه المنيرة واقتفوا آثاره اللائحة وأنواره الواضحة وضوح الظهيرة وفرقوا بصوارم أيديهم وألسنتهم بين كل نفس فاجرة ومبرورة وبين كل حجة بالغة وحجة مبيرة وعلى التابعين لهم على ذلك السبيل سائر المنتمين إلى ذلك القبيل وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد : فإني أذكرك أيها الصديق الأوفى والخالصة الأصفى في مقدمة ينبغي تقديمها قبل الشروع في المقصود وهي معنى قول رسول الله A