ومنهم من تفحص عن نوادر الأخبار وغرائبها وإن دخلت في حد الموضوع .
ومنهم من أكثر القيل والقال في أصول الفقه واستنبط كل لأصحابه قواعد جدلية وأورد فاستقصى وأجاب فتفصى وعرف وقسم فحرر وطول الكلام تارة وتارة أخرى اختصر .
ومنهم من ذهب إلى هذا بفرض الصور المستبعدة التي من حقها أن لا يتعرض لها عاقل وبسحب العمومات والإيماءات من كلام المخرجين فمن دونهم مما لا يرضى استماعه عالم ولا جاهل .
وفتنة هذا الجدال والخلاف والتعمق قريبة من الفتنة الأولى حين تشاجروا في الملك وانتصر كل رجل لصاحبه فكما أعقبت تلك ملكا عضوضا ووقائع صماء عمياء فكذلك أعقبت هذه جهلا واختلاطا وشكوكا ووهما ما لها من أرجاء فنشأت بعدهم قرون على التقليد الصرف لا يميزون الحق من الباطل ولا الجدل من الاستنباط فالفقيه يومئد هو الثرثار المتشدق الذي حفظ أقوال الفقهاء قويها وضعيفها من غير تمييز وسردها بشقشقة شدقيه والمحدث من عد الأحاديث صحيحها وسقيمها وهذها بقوة