مع أنه لم يعهد من حاله قبل ذلك شيء فيما يرجع إلى المكافأة وعدمها غلب على الظن ما رتب الحكم عليه .
والذي يؤيد ذلك أنه لا يخلو إما أن يكون الحكم قد ثبت لعلة أو لا لعلة .
فإن كان لا لعلة فهو بعيد لما سبق تقريره من امتناع خلو الأحكام عن العلل .
وإن كان لعلة فإما أن يكون لما لم يظهر أو لما ظهر الأول ويلزم منه التعبد وهو بعيد على ما عرف والثاني هو المطلوب .
فإن قيل الفرق بين ما نحن فيه وبين صورة الاستشهاد إنا قد ألفنا من تصرفات العقلاء مقابلة الإحسان بالإحسان والإساءة بالإساءة فكان ذلك من قبيل القسم الأول وهو الملائم المتفق عليه لا من قبيل القسم الثاني وهو الغريب المختلف فيه .
قلنا نحن إنما نفرض الكلام في شخص لم يعهد من حاله قبل ذلك الفعل موافقة ولا مخالفة فلا يكون من الملائم المتفق عليه ولا من الملغى .
ومع ذلك فإن التعليل يظهر من فعله لكل عاقل نظرا إلى أن الغالب إنما هو غلبة طبيعة المكافأة بالانتقام والإحسان في حق العاقل كما أن الغالب من الشارع اعتبار المناسبات دون إلغائها .
وليس هذا من القسم الأول في شيء لأن القسم الأول مفروض فيما علم من الشارع اعتبار العين في العين فيه والجنس في الجنس والفرق بين الأمرين ظاهر .
القسم الثالث أن يكون الشارع قد اعتبر جنس الوصف في جنس الحكم .
لا غير أي أنه لم يعتبر مع ذلك عينه في عينه ولا عينه في جنسه ولا جنسه في عينه ولا دل عليه نص ولا إجماع .
وهذا أيضا من جنس المناسب الغريب المختلف فيه بين القياسين إلا أنه دون القسم الثاني وذلك لأن الظن الحاصل باعتبار الخصوص لكثرة ما به الاشتراك أقوى من الظن الحاصل من اعتبار العموم في العموم وذلك كاعتبار جنس المشقة المشتركة بين الحائض والمسافر في جنس التخفيف