التخصيص لا يبقى حجة إلا في أقل الجمع فله أن يقول إنما لم أتمسك بعموم النص في إثبات حكم الفرع لعدم مساعدة الدليل على إدراج الفرع فيه وذلك لا يمنع من التمسك به في إثبات العلة ولو في صورة واحدة ومهما كان كذلك لزم إثبات الحكم بتلك العلة في أي صورة وجدت ولذلك وقع التمسك به في إثبات العلة دون الحكم .
المسألة العشرون اختلف الشافعية والحنفية في حكم أصل القياس المنصوص عليه .
هل هو ثابت بالعلة أو النص فقالت الشافعية إنه ثابت بالعلة وقالت الحنفية إنه ثابت بالنص محتجين على ذلك بأمور ثلاثة الأول أن الحكم في الأصل مقطوع به والعلة المستنبطة منه مظنونة .
والمقطوع به لا يكون ثابتا بالمظنون .
الثاني أن العلة مستنبطة من حكم الأصل ومتفرعة عليه وتابعة له في الوجود فلو كان الحكم ثابتا بها لكان الأصل ثابتا بما لا ثبوت له دون ثبوته وهو دور .
الثالث أنه قد يثبت الحكم تعبدا من غير علة فلو كان ثابتا بالعلة لما ثبت مع عدمها .
واعلم أن الخلاف في هذه المسألة آئل إلى اختلاف في اللفظ .
وذلك أن قول أصحابنا بأن الحكم ثابت بالعلة لا يريدون به أن العلة معرفة له بالنسبة إلينا ضرورة أنها مستنبطة منه وأنها لا تعرف دون معرفته وإنما يريدون به أنها الباعثة للشارع على إثبات الحكم في الأصل