من نفي العلة المعينة نفيه لجواز وجود بدلها لما سبق .
فإن قيل وإن كان الحكم معللا بعلة واحدة ولا علة له سواها في دليل عليه فكانت مشابهة للدليل العقلي في العقليات ولا يلزم من نفي الدليل في العقليات نفي المدلول .
ولهذا فإن الصنعة دليل وجود الرب تعالى .
ولو قدر انتفاؤها لم يلزم منه انتفاء وجود الرب تعالى فكذلك العلة الشرعية .
قلنا العلة وإن كانت دليل الحكم فلا نعني بانتفاء الحكم عند انتفائها انتفاءه في نفسه بل انتفاء العلم أو الظن به ضرورة توقف ذلك على النظر الصحيح في الدليل ولا دليل .
وكذلك الحكم في الصنعة مع الصانع .
المسألة الثانية عشرة اتفقوا على جواز تعليل الحكم بعلل .
في كل صورة بعلة واختلفوا في جواز تعليل الحكم الواحد في صورة واحدة بعلتين معا فمنهم من منع ذلك مطلقا كالقاضي أبي بكر وإمام الحرمين ومن تابعهما ومنهم من جوز ذلك مطلقا ومنهم من فصل بين العلل المنصوصة والمستنبطة فجوزه في المنصوصة ومنع منه في المستنبطة كالغزالي ومن تابعه .
والمختار إنما هو المذهب الأول .
وذلك لأنه لو كان معللا بعلتين لم يخل إما أن تستقل كل واحدة بالتعليل أو أن المستقل بالتعليل إحداهما دون الأخرى أو أنه لا استقلال لواحدة منهما بل التعليل لا يتم إلا باجتماعهما .
لا جائز أن يقال بالأول لأن معنى كون الوصف مستقلا بالتعليل أنه علة