وكذلك الحكم في قوله العالم زيد وكذلك قوله صديقي زيد ليس عاما في كل صديق بل كأنه قال بعض أصدقائي زيد حتى إنه لو ثبت أن ( الألف واللام ) إذا دخلت على اسم الجنس تكون عامة وكان المتكلم مريدا للتعميم فإنه يكون كاذبا بتقدير ظهور عالم آخر وصديق آخر له وكان قوله دالا على الحصر لا محالة .
وربما قيل في إبطال القول بالحصر إنه لو كان قوله العالم زيد وصديقي زيد يدل على حصر العالم والصديق في زيد لكان إذا قال العالم زيد وعمرو وصديقي زيد وعمرو متناقضا وليس كذلك باتفاق أهل اللغة وليس بحق فإن للخصم أن يقول إنما يكون ذلك مناقضا بشرط أن يتجرد قوله الأول عما يغيره .
وأما إذ عطف عليه قوله وعمرو صار الكل كالجملة الواحدة وكان قوله العالم زيد مع الإنفراد مغايرا في دلالته لقوله العالم زيد وعمرو وهذا كما لو قال له علي عشرة ثم بعد حين قال إلا خمسة فإنه لا يقبل لما فيه من مناقضة لفظه الأول ولو قال له علي عشرة إلا خمسة على الاتصال كان مقبولا لعدم تناقضه ولولا اختلاف الدلالة لما اختلف الحال بل كان الواجب أن لا يقبل استثناؤه في الصورتين أو يقبل فيهما وهو محال .
المسألة الثامنة اختلفوا في قوله لا عالم في البلد إلا زيد .
فالذي عليه الجمهور وأكثر منكرين المفهوم أنه يدل على نفي كل عالم سوى زيد وإثبات كون زيد عالما وذهب بعض منكرين المفهوم إلى أن ذلك لا يدل على كون زيد عالما بل هو نطق بالمستثنى منه وسكوت عن المستثنى .
ومعنى خروج المستثنى عن المستثنى منه أنه لم يدخل في عموم المستثنى منه وأنه لم يتعرض فيه لكون زيد عالما لا نفيا ولا إثباتا .
والحق إنما هو المذهب الجمهوري ودليله ما بيناه فيما تقدم من أن