قلنا هذا وإن استمر لكم في هذه الصورة فلا يستمر في قوله تعالى { لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة } ( 3 ) آل عمران 130 ) وفي قوله { ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا } ( 4 ) النساء 6 ) وفي قوله تعالى { ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء إن أردن تحصنا } ( 24 ) النور 33 ) فإن النهي في جميع هذه الصور ليس هو أولى من صور السكوت فإن النهي .
عن أكل قليل الربا ليس أولى من كثيره ولا النهي عن أكل مال اليتيم من غير إسراف أولى من الإسراف ولا النهي عن الإكراه على الزنى حالة إرادة التحصن أولى من حالة إرادة الزنى .
ومع ذلك فالحكم في الكل مشترك .
فإن قيل مخالفة دليل الخطاب في هذه الصور إنما كانت لمعارض ولا يلزم مخالفته عند عدم المعارض .
قلنا وإن كان ثبوت الحكم في صورة السكوت على نحو ثبوته في صورة النطق لدليل ولكن يجب أن يعتقد أنه من غير مخالفة دليل لما فيه من دفع محذور المعارضة .
ولو كان دليل الخطاب دليلا لزم من ذلك التعارض وهو خلاف الأصل .
المسلك الثاني إن تعليق الحكم بالصفة لو كان مما يستفاد منه نفي الحكم عند عدم الصفة لم يخل إما أن يكون ذلك مستفادا من صريح الخطاب أو من جهة أن تعليق الحكم بالصفة يستدعي فائدة ولا فائدة سوى نفي الحكم عند عدم الصفة أو من جهة أخرى الأول محال فإن صريح الخطاب بوجوب الزكاة في السائمة غير صريح بوجوبها في المعلوفة كيف وإن ذلك مما لا قائل به