فقهاء الحنفية وغيرهم تشمئز نفسه من ذلك وتكبر عن سماعه لا لوصفه لهم بذلك بل لما فيه من الإشعار بسلب ذلك عمن ليس بشافعي .
وهذا الشعور مما لا يختلف فيه الأمر والخبر عندهم وإن سلم امتناع ذلك في الخبر فحاصل ما ذكروه يرجع إلى القياس في اللغة وهو ممتنع لما سبق .
وبتقدير صحة القياس في اللغة فالفرق بين الخبر والأمر ظاهر وذلك أنه إذا أخبر وقال رأيت خبزا سميدا ولحما طريا ورطبا جنيا إنما يخبر عما شاهده وعلمه ولا يلزم من مشاهدته لذلك أن لا يكون قد شاهد ما ليس على هذه الصفة .
وإذا قال لعبده اشتر خبزا سميذا ولحما طريا ورطبا جنيا مع علمه بأن الخبز الخشكار واللحم والرطب البايت مما يباع في السوق فقوله ذلك إنما يقصد به البيان وتمييز ما يشترى عما لا يشترى فكان النفي ملازما للإثبات .
الحجة الرابعة أن أهل اللغة فرقوا بين العطف والنقض فقالوا قول القائل اضرب الرجال الطوال والقصار فالقصار عطف وليس بنقض للأول ولو كان قوله اضرب الرجال الطوال مقتضيا لنفي الضرب عن القصار لكان نقضا لا عطفا وهي بعيدة عن التحقيق .
وذلك أن قول القائل اضرب الرجال الطوال إنما يدل على امتناع ضرب القصار بتقدير اختصاص الطوال بالذكر وإذا عطف عليه القصار فلا يكون مخصصا للطوال بالذكر فلا يدل على نفي الضرب عن القصار ثم هو منتقض بالتخصيص بالغاية كما لو قال القائل لغيره صم إلى غروب الشمس فإنه يدل على أن حكم ما بعد الغاية مخالف لما قبلها ومع ذلك فإنه لو قال له صم إلى غروب الشمس وإلى نصف الليل فإنه لا يكون نقضا .
الحجة الخامسة أنه لو كان تعليق الحكم بالصفة دالا على نفيه عن غير الموصوف بها لما حسن الجمع بين قوله أد زكاة السائمة وبين قوله والمعلوفة لما بينهما من التناقض كما لا يحسن أن يقول له لا تقل لزيد أف واضربه