وذلك لأن مقتضى اللفظ إجراؤه على ظاهره من العموم ومقتضى اللفظ الثاني عود الضمير إلى جميع ما دل عليه اللفظ المتقدم إذ لا أولوية لاختصاص بعض المذكور السابق به دون البعض فاذا قام الدليل على تخصيص الضمير ببعض المذكور السابق وخولف ظاهره لم يلزم منه مخالفة الظاهر الأخير بل يجب إجراؤه على ظاهره إلى أن يقوم الدليل على تخصيصه .
فإن قيل إنما يلزم مخالفة ظاهر ما اقتضاه الضمير من العود إلى كل المذكور السابق إذا أجرينا اللفظ السابق على عمومه وليس القول بإجرائه على عمومه ومخالفة ظاهر الضمير أولى من إجراء ظاهر الضمير على مقتضاه وتخصيص المذكور السابق وإذا لم يترجح أحدهما وجب الوقف .
قلنا بل إجراء اللفظ المتقدم على عمومه وتخصيص المتأخر أولى من العكس لأن دلالة الأول ظاهرة ودلالة الثاني غير ظاهرة ولا يخفى أن دلالة المظهر أقوى من دلالة المضمر فكان راجحا .
المسألة الرابعة عشرة القائلون بكون العموم والقياس حجة .
اختلفوا في جواز تخصيص العموم بالقياس فذهب الأئمة الأربعة والأشعري وجماعة من المعتزلة كأبي هاشم وأبي الحسين البصري إلى جوازه مطلقا وذهب الجبائي وجماعة من المعتزلة إلى تقديم العام على القياس وذهب ابن سريج وغيره من أصحاب الشافعي إلى جواز التخصيص بجلي القياس دون خفيه وذهب عيسى بن أبان والكرخي إلى جواز التخصيص بالقياس للعام المخصص دون غيره غير أن الكرخي اشترط أن يكون العام مخصصا بدليل منفصل وأطلق عيسى بن أبان