فإن قيل إذا منعتم من تجويز تخصيص العموم بالعادة وتنزيل لفظ الطعام على ما هو المعتاد المتعارف عند المخاطبين فما الفرق بينه وبين تخصيص اللفظ ببعض مسمياته في اللغة بالعادة وذلك كتخصيص اسم الدابة بذوات الأربع وإن كان لفظ الدابة عاما في كل ما يدب وكتخصيص اسم الثمن في البيع بالنقد الغالب في البلد حتى إنه لا يفهم من إطلاق لفظ الدابة والثمن غير ذوات الأربع والنقد الغالب في البلد .
قلنا الفرق بين الأمرين أن العادة في محل النزاع إنما هي مطردة في اعتياد أكل ذلك الطعام المخصوص لا في تخصيص اسم الطعام بذلك الطعام الخاص فلا يكون ذلك قاضيا على ما اقتضاه عموم لفظ الطعام مع بقائه على الوضع الأصلي وهذا بخلاف لفظ الدابة فإنه صار بعرف الاستعمال ظاهرا في ذوات الأربع وضعا حتى إنه لا يفهم من إطلاق لفظ الدابة غير ذوات الأربع فكان قاضيا على الاستعمال الأصلي حتى إنه لو كانت العادة في الطعام المعتاد أكله قد خصصت بعرف الاستعمال اسم الطعام بذلك الطعام لكان لفظ الطعام منزلا عليه دون غيره ضرورة تنزيل مخاطبة الشارع للعرب على ما هو المفهوم لهم من لغتهم وفيه دقة مع وضوحه .
المسألة الثانية عشرة اتفق الجمهور على أنه إذا ورد لفظ عام .
ولفظ خاص يدل على بعض ما يدل عليه العام لا يكون الخاص مخصصا للعام بجنس مدلول الخاص ومخرجا عنه ما سواه خلافا لأبي ثور من أصحاب الشافعي .
وذلك كقوله A أيما إهاب دبغ فقد طهر فإنه عام في كل إهاب وقوله A في شاة ميمونة دباغها طهورها وإنما لم يكن مخصصا له لأنه لا تنافي بين العمل بالخاص وإجراء العام على عمومه ومع إمكان إجراء كل واحد على ظاهره لا حاجة إلى العمل بأحدهما ومخالفة الآخر .
فإن قيل فقد اخترتم أن المفهوم يكون مخصصا للعموم عند القائل به وتخصيص جلد الشاة بالذكر يدل بمفهومه على نفي الحكم عما سوى الشاة