القسم الثاني في التخصيص بالأدلة المنفصلة .
وفيه أربع عشرة مسألة المسألة الاولى مذهب الجمهور من العلماء جواز تخصيص العموم بالدليل العقلي خلافا لطائفة شاذة من المتكلمين .
ودليل ذلك أن قوله تعالى { الله خالق كل شيء } ( 39 ) الزمر 62 ) وقوله { وهو على كل شيء قدير } ( 5 ) المائدة 120 ) متناول بعموم لفظه لغة كل شيء مع أن ذاته وصفاته أشياء حقيقة وليس خالقا لها ولا هي مقدورة له لاستحالة خلق القديم الواجب لذاته واستحالة كونه مقدورا بضرورة العقل فقد خرجت ذاته وصفاته بدلالة ضرورة العقل عن عموم اللفظ وذلك مما لا خلاف فيه بين العقلاء ولا نعني بالتخصيص سوى ذلك فمن خالف في كون دليل العقل مخصصا مع ذلك فهو موافق على معنى التخصيص ومخالف في التسمية .
وكذلك قوله تعالى { ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا } ( 3 ) آل عمران 97 ) فإن الصبي والمجنون من الناس حقيقة وهما غير مرادين من العموم بدلالة نظر العقل على امتناع تكليف من لا يفهم ولا معنى للتخصيص سوى ذلك .
فإن قيل نحن لا ننكر أن ذات الباري تعالى وصفاته وأن الصبي والمجنون مما لم يرد باللفظ وإنما ننكر كون دليل العقل مخصصا لثلاثة أوجه