فإن قيل لا يلزم من مخالفة الدليل في المندوب المخالفة مطلقا .
قلنا يجب أن نعتقد أن ما ذكروه ليس بدليل حتى لا يلزم منه المخالفة في المندوب .
وما ذكروه من الشبهة الأخيرة فهي منتقضة بالمندوب وأما شبه القائلين بالندب فمنها نقلية وعقلية .
أما النقلية فقوله A إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم وإذ نهيتكم عن شيء فانتهوا فوض الأمر إلى استطاعتنا ومشيئتنا وهو دليل الندبية .
وأما العقلية فهو أن المندوب ما فعله خير من تركه وهو داخل في الواجب فكل واجب مندوب وليس كل مندوب واجبا لأن الواجب ما يلام على تركه والمندوب ليس كذلك فوجب جعل الأمر حقيقة فيه لكونه متيقنا .
وجوابهما من جهة الإجمال فما سبق في جواب شبه القائلين بالوجوب .
ومن جهة التفصيل عن الأولى أنه لا يلزم من قوله ما استطعتم تفويض الأمر إلى مشيئتنا فإنه لم يقل فافعلوا ما شئتم بل قال ما استطعتم وليس ذلك خاصية للندب فإن كل واجب كذلك .
وعن الثانية ما سبق من امتناع وجود المندوب في الواجب ثم لو كان تنزيل لفظ الأمر على المتيقن لازما لكان جعله حقيقة في رفع الحرج عن الفعل أولى لكونه متيقنا بخلاف المندوب فإنه متميز بكون الفعل مترجحا على الترك وهو غير متيقن .
المسألة الثالثة اختلف الأصوليون في الأمر العري عن القرائن .
فذهب الأستاذ أبو إسحاق الإسفرايني وجماعة من الفقهاء والمتكلمين إلى أنه مقتض للتكرار المستوعب لزمان العمر مع الإمكان وذهب آخرون إلى أنه للمرة الواحدة