وعن المعنى الأول من المعقول أن الكلام إنما هو مفروض في نقل المعنى من غير زيادة ولا نقصان حتى إنه لو ظهرت فيه الزيادة والنقصان لم يكن جائزا .
وعن الثاني بالفرق بين ما نحن فيه وما ذكروه من الأصول المقيس عليها .
أما القرآن فلأن المقصود من ألفاظه الإعجاز فتغييره مما يخرجه عن الإعجاز فلا يجوز .
ولا كذلك الخبر فإن المقصود منه المعنى دون اللفظ .
ولهذا فإنه لا يجوز التقديم والتأخير في القرآن وإن لم يختلف المعنى كما لو قال بدل اسجدي واركعي اركعي واسجدي .
ولا كذلك في الخبر .
وأما كلمات الأذان والتشهد والتكبير فالمقصود منها إنما هو التعبد بها .
وذلك لا يحصل بمعناها والمقصود من الخبر هو المعنى دون اللفظ .
كيف وإنه ليس قياس الخبر على ما ذكروه أولى من قياسه على الشهادة حيث تجوز الشهادة على شهادة الغير مع اتحاد المعنى وإن كان اللفظ مختلفا .
المسألة الثانية إذا أنكر الشيخ رواية الفرع عنه .
فلا يخلو إما أن يكون إنكاره لذلك إنكار جحود وتكذيب للفرع أو إنكار نسيان وتوقف .
فإن كان الأول فلا خلاف في امتناع العمل بالخبر لأن كل واحد منهما مكذب للآخر فيما يدعيه ولا بد من كذب أحدهما وهو موجب للقدح في الحديث .
غير أن ذلك لا يوجب جرح واحد منهما على التعيين لأن كل واحد منهما عدل وقد وقع الشك في كذبه .
والأصل العدالة فلا تترك بالشك .
وتظهر فائدة ذلك في قبول رواية كل واحد منهما في غير ذلك الخبر .
وأما إن كان الثاني فقد اختلفوا في قبول ذلك الخبر والعمل به فذهب الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل في أصح الروايتين عنه وأكثر المتكلمين إلى وجوب العمل به خلافا للكرخي وجماعة من أصحاب أبي حنيفة